ب - معنى الإيجاد عند المتكلمين والفلاسفة:
يفسر كثير من المتكلمين الإيجاد بالخلق، والتكوين، والاختراع، وما في معناه، يقول الرازي: "الإيجاد عبارة عن إخراج الشيء من العدم إلى الوجود"1.ويقول أيضاً: "أما الخلق بمعنى الإحداث والإيجاد فعندنا أنه - سبحانه - منفرد به"2. ويقول ابن حزم: "إن الإيجاد هو الخلق نفسه"3.
ومما قالوا في معنى الإيجاد: "التكوين والاختراع والإيجاد والخلق، ألفاظ تشترك في معنى وتتباين بمعان، والمشترك فيه كون الشيء موجداً من العدم ما لم يكن موجوداً"4.
وتفسير الإيجاد بالخلق يتفق أهل السنة فيه مع المتكلمين؛ ولكن يعود النقد إلى معنى الخلق عند المتكلمين وموقفهم من صفات الفعل، وقد سبق بيان رد أهل السنة على المتكلمين في قولهم إن الخلق هو المخلوق5. وأما الماتريدية فيقول البزدوي6: "إن التكوين والإيجاد صفة لله - تعالى - غير حادث بل هو أزلي"7. وذلك لأن الماتريدية ترجع جميع صفات الفعل إلى التكوين، وقد سبق الرد على الماتريدية في قولهم بأزلية صفات الفعل، وعدم تعددها، وعدم تعلقها بمشيئة الرب8.
أما الفلاسفة فيقول ابن رشد في كتاب تفسير ما بعد الطبيعة: "الإيجاد هو إخراج ما بالقوة إلى الفعل، فإن الكائن بالفعل هو فاسد بالقوة، وكل قوة فإنما تصير إلى الفعل من قِبَل مخرج لها هو بالفعل، فلو لم تكن القوة موجودة لما كان هاهنا فاعل أصلا، ولو لم يكن الفاعل موجوداً لما كان هاهنا شيء هو بالفعل أصلاً"9، وقال في كتاب تهافت