أما المعتزلة فمذهبهم نفي الصفات ومنها الخلق، وقد اختلفوا في معنى الخلق، وهل هو المخلوق أم لا؟ يقول الأشعري: "واختلف الناس في خلق الشيء، هل هو الشيء أم غيره؟ فقال أبو الهذيل: خلق الشيء، الذي هو تكوينه بعد أن لم يكن، هو غيره، وهو إرادته له وقوله له كن..وقال بشر بن المعتمر: خلق الشيء غيره، والخلق قبل المخلوق، وهو الإرادة من الله للشيء، وقال إبراهيم النظام: الخلق من الله - سبحانه -، الذي هو تكوين، هو المكوَّن، وهو الشيء المخلوق"1.
وقال القاضي عبد الجبار: "الخلق إنما هو التقدير، والمخلوق هو الفعل المقدر بالغرض والداعي، المطابق له على وجه لايزيد عليه ولاينقص عنه"2.
وقد بين شيخ الإسلام - رحمه الله - نزاع الطوائف في الخلق هل هو من صفات الله أو لا؟ فقال: "والناس تنازعوا في نفس الخلق، والإحداث، والتكوين، هل هو من صفات الله أم لا؟ وهذا المؤسس3، وأصحابه، مع المعتزلة، يقولون إن الخلق هو المخلوق، ليس ذلك صفة لله بحال، وأما جمهور الفقهاء، وأهل الحديث، والصوفية، وطوائف من أهل الكلام، فيقولون إن الفعل نفسه، والخلق من صفاته، ولكن المخلوق ليس من صفاته"4.
وقد ذكر شيخ الإسلام - رحمه الله - شبهتهم في ذلك، ورد عليهم، مبيناً فساد قولهم، كما ذكر ابن القيم - رحمه الله - شبهاتهم في ذلك، ورد عليها، وقد سبق شيء من هذه الردود عند شرح صفة الإحياء5.
وعلى هذا فينبغي أن ينتبه إلى حقيقة قول المتكلمين في الخلق، وإن عرفوه بما يوهم أنهم موافقون لأهل السنة في حقيقة الصفة وقيامها بالله - تعالى -.