3 - معنى الرزق عند المتكلمين:
قال الجويني في بيان معنى الرازق: "خالق الرزق، ومبدع الإمتاع به "1، وفي الأسماء والصفات للبيهقي: "ومعناه - أي الرازق - المفيض على عباده ما لم يجعل لأبدانهم قواما إلا به، والمنعم عليهم بإيصال حاجاتهم من ذلك إليهم "2.
وقال الراغب:" والرزاق يقال لخالق الرزق ومعطيه، والمسبب له، وهو الله - تعالى -"3، وهو من الصفات الفعلية عند المتكلمين، يقول ابن بطال4: "فالرزق فعل من أفعاله - تعالى - فهو من صفات فعله، لأن رازقاً يقتضي مرزوقاً، والله - سبحانه وتعالى - كان ولا مرزوق، وكل مالم يكن ثم كان فهو محدث، والله - سبحانه - موصوف بأنه الرازق، ووصف نفسه بذلك قبل خلق الخلق؛ بمعنى أنه سيرزق إذا خلق المرزوقين"5. فالأشاعرة يجعلون الرزق مخلوقاً منفصلاً غير قائم بذات الرب.
ويقول ملا علي قاري: "وأما الترزيق فهو إحداث رزق الشيء، وجعله قوتاً له"6. والماتريدية كما سبق يحيلون جميع الأفعال إلى صفة التكوين.
وما سبق أن ذكرته من مواقف المتكلمين في لفظ الإحياء، والإماتة، ينطبق على لفظ الرزق أيضاً، لأنه من الصفات الفعلية، وقد سبق أن بينت موقف المتكلمين من صفات الفعل، وذكرت الرد عليهم7.
وأما لفظ الرزق من حيث هو مفعول، فقد خالف في ذلك المعتزلة حيث قالوا: إن الحرام ليس برزق8. ومما يرد به هذا القول أن لفظ الرزق، من حيث اسم المفعول فيه إجمال، فقد يراد بلفظ الرزق ما أباحه الله أو ملكه، فلا يدخل الحرام في مسمى هذا