أولاً: (القرية)
وهي كل ما يحيط بالمسجد الحرام، من دور، ومرافق عامة، وخاصة، اتخذها الإنسان لنفسه، وعمرها، وفق حاجاته الأساسية والضرورية للعيش في الحياة الدنيا، وذلك منذ قبول (هاجر) أم إسماعيل عليه السلام، نفراً من جرهم مشاركتها ماء (زمزم) .
وأخذ ذلك المجتمع الصغير ينمو، ويتسع مع مضي الوقت والزمان، واكتسب أهمية عظمى في نفوس العباد منذ أن خوّل الباري جل وعلا خليله إبراهيم، وابنه إسماعيل - عليهما السلام - برفع قواعد أول بيت وضع للناس، الكعبة البيت الحرام، بيتاً لله في الأرض.
فكان من الطبيعي أن يكتسب جيرانه حرمة من حرمته، ومكانة من مكانته تفوق كل حرمة وكل مكانة في أي بقعة من الأرض.
نصحت إحدى نساء العرب أبناءها في الجاهلية - وكانت شاعرة بليغة - بما يجب عليهم فعله تجاه البلد الحرام قائلة:
أَبَنيَّ لاَ تَظْلِم بمكة ... لا الصَّغيرَ ولا الكبير
واحْفَظ محارمَها بُنَيَّ ... ولا يَغْرَّنكَ الغرور
أَبنيَّ من يَظْلم بمكة ... يَلْقَ أطراف الشُّرور
أَبنيَّ يُضْربُ وجهَه ... وَيَلُحْ بخديه السعير
أَبنيَّ قَدْ جَربتُها ... فوجدتُ ظالمها يبور