فإن ذلك يوقع الشك في قلوبهم. ومع ابتغاء الفتنة ابتغاء تأويله الذي لا يعلمه إلا الله فكان مقصودهم مذموما ومطلوبهم متعذرا مثل أغلوطات المسائل التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها.
ومما يبين الفرق بين " المعنى " و " التأويل " أن صبيغا سأل عمر عن (الذاريات وليست من الصفات وقد تكلم الصحابة في تفسيرها مثل علي بن أبي طالب مع ابن الكواء لما سأله عنها كره سؤاله لما رآه من قصده؛ لكن علي كانت رعيته ملتوية عليه لم يكن مطاعا فيهم طاعة عمر حتى يؤدبه. و (الذاريات و (الحاملات و (الجاريات و (المقسمات فيها اشتباه لأن اللفظ يحتمل الرياح والسحاب والنجوم والملائكة ويحتمل غير ذلك إذ ليس في اللفظ ذكر الموصوف. والتأويل الذي لا يعلمه إلا الله هو أعيان الرياح ومقاديرها وصفاتها ومتى تهب وأعيان السحاب وما تحمله من الأمطار ومتى ينزل المطر وكذلك في (الجاريات و (المقسمات فهذا لا يعلمه إلا الله. وكذلك في قوله: (إنا و (نحن ونحوهما من أسماء الله التي فيها معنى الجمع كما اتبعه النصارى؛ فإن معناه معلوم وهو الله سبحانه
لكن اسم الجمع يدل على تعدد المعاني؛ بمنزلة الأسماء المتعددة: مثل العليم والقدير والسميع والبصير فإن المسمى واحد ومعاني الأسماء متعددة فهكذا الاسم الذي لفظه الجمع.