كلهم ثِقَات
وَقد قَامَ الْإِجْمَاع على عدم صِحَة بيعهَا واشتهر عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه خطب يَوْمًا على الْمِنْبَر فَقَالَ فِي أثْنَاء خطبَته اجْتمع رَأْي ورأي عمر على أَن أُمَّهَات الْأَوْلَاد لَا يبعن وَأَنا الْآن أرى بيعهنَّ فَقَالَ عُبَيْدَة السَّلمَانِي رَأْيك مَعَ رَأْي عمر
وَفِي رِوَايَة مَعَ الْجَمَاعَة أحب إِلَيْنَا من رَأْيك وَحدك
فَقَالَ اقضوا فِيهِ مَا أَنْتُم قاضون فَإِنِّي أكره أَن أُخَالِف الْجَمَاعَة فَلَو حكم حَاكم بِصِحَّة بيعهَا نقض حكمه لمُخَالفَته الْإِجْمَاع وَمَا كَانَ فِي بيعهَا من خلاف بَين الْقرن الأول فقد انْقَطع وَصَارَ مجمعا على مَنعه وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن جَابر كُنَّا نبيع سرارينا أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيّ لَا يرى بذلك بَأْسا أُجِيب عَنهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخ وَبِأَنَّهُ مَنْسُوب إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتِدْلَالا واجتهادا فَيقدم عَلَيْهِ مَا نسب إِلَيْهِ قولا ونصا وَهُوَ نَهْيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد كَمَا مر وَيسْتَثْنى من منع بيعهَا بيعهَا من نَفسهَا بِنَاء على أَنه عقد عتاقة وَهُوَ الْأَصَح وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنه لَو بَاعهَا بَعْضهَا أَنه يَصح ويسري إِلَى بَاقِيهَا كَمَا لَو أعتق بعض رَقِيقه وَأَنه إِذا كَانَ السَّيِّد مبعضا أَنه لَا يَصح مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ من أهل الْوَلَاء وَهَذَا ظَاهر وَإِن لم أر من ذكره وَمحل الْمَنْع إِذا لم يرْتَفع الإيلاد فَإِن ارْتَفع بِأَن كَانَت كَافِرَة وَلَيْسَت لمُسلم وسبيت وَصَارَت قنة
فَإِنَّهُ يَصح جَمِيع التَّصَرُّفَات فِيهَا
وَكَذَا يَصح بيعهَا فِي صور مِنْهَا مُسْتَوْلدَة الرَّاهِن المقبض الْمُعسر تبَاع فِي الدّين وَمِنْهَا جَارِيَة التَّرِكَة الَّتِي تعلق بهَا دين إِذا اسْتَوْلدهَا الْوَارِث وَهُوَ مُعسر تبَاع فِي دين الْمَيِّت وَمِنْهَا مَا إِذا استولد الجانية جِنَايَة توجب مَالا مُتَعَلقا برقبتها وَهُوَ مُعسر تبَاع فِي دين الْجِنَايَة
وَمِنْهَا مَا إِذا استولد أمة العَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَهُوَ مُعسر تبَاع فِي دينه
وَقد ذكر فِي الرَّوْضَة هَذِه الصُّور الْأَرْبَع أَوَاخِر الْبَاب الْخَامِس من النِّكَاح وَقَالَ إِن الْملك إِذا عَاد فِي هَذِه الصُّور إِلَى الْمَالِك بعد البيع عَاد الِاسْتِيلَاد
اه
أما الصُّورَة الأولى وَهِي مَسْأَلَة السَّبي فَالَّذِي يظْهر فِيهَا أَنه لَا يعود الِاسْتِيلَاد إِذا عَادَتْ لمَالِكهَا بعد ذَلِك لأَنا أبطلناه بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَاف هَذِه الْمسَائِل وَيسْتَثْنى من نُفُوذ الِاسْتِيلَاد مَا لَو نذر التَّصَدُّق بِثمنِهَا ثمَّ اسْتَوْلدهَا فَإِنَّهُ يلْزمه بيعهَا وَالتَّصَدُّق بِثمنِهَا وَلَا ينفذ