مُبْتَدع يكفر أَو يفسق ببدعته فَالْأول كمنكري الْبَعْث وَالثَّانِي كساب الصَّحَابَة وَيسْتَثْنى من هَذَا الخطابية فَلَا تقبل شَهَادَتهم وهم فرقة يجوزون الشَّهَادَة لصَاحِبِهِمْ إِذا سَمِعُوهُ يَقُول لي على فلَان كَذَا هَذَا إِذا لم يبينوا السَّبَب كَمَا مرت الْإِشَارَة إِلَيْهِ فَإِن بينوا السَّبَب كَأَن قَالُوا رَأَيْنَاهُ يقْرضهُ كَذَا فَتقبل حِينَئِذٍ شَهَادَتهم

(و) الرَّابِع أَن يكون الْعدْل (مَأْمُونا) مِمَّا توقع فِيهِ النَّفس الأمارة صَاحبهَا (عِنْد الْغَضَب) من ارْتِكَاب قَول الزُّور والإصرار على الْغَيْبَة وَالْكذب لقِيَام غَضَبه فَلَا عَدَالَة لمن يحملهُ غَضَبه على الْوُقُوع فِي ذَلِك

(و) الْخَامِس أَن يكون (محافظا على مُرُوءَة مثله) بِأَن يتخلق الشَّخْص بِخلق أَمْثَاله من أَبنَاء عصره مِمَّن يُرَاعِي مناهج الشَّرْع وآدابه فِي زَمَانه ومكانه لِأَن الْأُمُور الْعُرْفِيَّة قَلما تنضبط بل تخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْخَاص والأزمنة والبلدان وَهَذَا بِخِلَاف الْعَدَالَة فَإِنَّهَا تخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْخَاص

فَإِن الْفسق يَسْتَوِي فِيهِ الشريف والوضيع بِخِلَاف الْمُرُوءَة فَإِنَّهَا تخْتَلف فَلَا تقبل شَهَادَة من لَا مُرُوءَة لَهُ كمن يَأْكُل أَو يشرب فِي سوق وَهُوَ غير سوقي كَمَا فِي الرَّوْضَة وَغير من لم يغلبه جوع أَو عَطش أَو يمشي فِي سوق مَكْشُوف الرَّأْس أَو الْبدن غير الْعَوْرَة مِمَّن لَا يَلِيق بِهِ مثله ولغير محرم بنسك أما الْعَوْرَة فكشفها حرَام أَو يقبل زَوجته أَو أمته بِحَضْرَة النَّاس وَأما تَقْبِيل ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أمته الَّتِي وَقعت فِي سَهْمه بِحَضْرَة النَّاس فَقَالَ الزَّرْكَشِيّ كَانَ تَقْبِيل اسْتِحْسَان لَا تمتّع أَو ظن أَنه لَيْسَ ثمَّ من ينظره أَو على أَن الْمرة الْوَاحِدَة لَا تضر على مَا اقْتَضَاهُ نَص الشَّافِعِي وَمد الرجل عِنْد النَّاس بِلَا ضَرُورَة كقبلة أمته بحضرتهم وَمن ذَلِك إكثار حكايات مضحكة بَين النَّاس بِحَيْثُ يصير ذَلِك عَادَة لَهُ

وَخرج بالإكثار مَا لم يكثر أَو كَانَ ذَلِك طبعا لَا تصنعا كَمَا وَقع لبَعض الصَّحَابَة وَلبس فَقِيه قبَاء أَو قلنسوة فِي مَحل لَا يعْتَاد الْفَقِيه لبس ذَلِك فِيهِ وإكباب على لعب الشطرنج بِحَيْثُ يشْغلهُ عَن مهامته وَإِن لم يقْتَرن بِهِ مَا يحرمه أَو على غناء أَو استماعه وإكثار رقص

وحرفة دنيئة مُبَاحَة كحجامة وكنس زبل وَنَحْوه ودبغ مِمَّن لَا يَلِيق ذَلِك بِهِ

وَاعْترض جعلهم الحرفة الدنيئة مِمَّا يخرم الْمُرُوءَة مَعَ قَوْلهم إِنَّهَا من فروض الكفايات وَأجِيب بِحمْل ذَلِك على من اخْتَارَهَا لنَفسِهِ مَعَ حُصُول الْكِفَايَة بِغَيْرِهِ وَأما الحرفة غير الْمُبَاحَة كالمنجم والعراف والكاهن والمصور فَلَا تقبل شَهَادَتهم قَالَ الصَّيْمَرِيّ لِأَن شعارهم التلبيس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015