لخَبر الْبَيْهَقِيّ فِي اللِّسَان الدِّيَة إِن منع الْكَلَام وَقَالَ ابْن أسلم مَضَت السّنة بذلك

وَلِأَن اللِّسَان عُضْو مَضْمُون بِالدِّيَةِ فَكَذَا منفعَته الْعُظْمَى كَالْيَدِ وَالرجل وَإِنَّمَا تُؤْخَذ الدِّيَة إِذا قَالَ أهل الْخِبْرَة لَا يعود كَلَامه

فَإِن أخذت ثمَّ عَاد استردت وَلَو ادّعى زَوَال نطقه امتحن بِأَن يروع فِي أَوْقَات الخلوات وَينظر هَل يصدر مِنْهُ مَا يعرف بِهِ كذبه فَإِن لم يظْهر مِنْهُ شَيْء حلف الْمَجْنِي عَلَيْهِ كَمَا يحلف الْأَخْرَس هَذَا فِي إبِْطَال نطقه بِكُل الْحُرُوف

وَأما فِي إبِْطَال بعض الْحُرُوف فَيعْتَبر قسطه من الدِّيَة هَذَا إِذا بَقِي لَهُ كَلَام مَفْهُوم

وَإِلَّا فَعَلَيهِ كَمَال الدِّيَة كَمَا جزم بِهِ صَاحب الْأَنْوَار اه والحروف الَّتِي توزع عَلَيْهَا الدِّيَة ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ حرفا فِي لُغَة الْعَرَب بِحَذْف كلمة لَا لِأَنَّهَا لَام وَألف وهما معدودتان

فَفِي إبِْطَال نصف الْحُرُوف نصف الدِّيَة وَفِي إبِْطَال حرف مِنْهَا ربع سبعها

وَخرج بلغَة الْعَرَب غَيرهَا

فتوزع عَلَيْهَا وَإِن كَانَت أَكثر حروفا وَقد انْفَرَدت لُغَة الْعَرَب بِحرف الضَّاد فَلَا يُوجد فِي غَيرهَا وَفِي اللُّغَات حُرُوف لَيست فِي لُغَة الْعَرَب كالحرف الْمُتَوَلد بَين الْجِيم والشين وحروف اللُّغَات مُخْتَلفَة بَعْضهَا أحد عشر وَبَعضهَا أحد وَثَلَاثُونَ وَلَا فرق فِي توزيع الدِّيَة على الْحُرُوف بَين اللسانية وَغَيرهَا

كالحروف الحلقية

وَلَو عجز الْمَجْنِي على لِسَانه عَن بعض الْحُرُوف خلقَة كأرت وألثغ أَو بِآفَة سَمَاوِيَّة

فديَة كَامِلَة فِي إبِْطَال كَلَام كل مِنْهُمَا لِأَنَّهُ نَاطِق وَله كَلَام مَفْهُوم إِلَّا أَن فِي نطقه ضعفا وَضعف مَنْفَعَة الْعُضْو لَا يقْدَح فِي كَمَال الدِّيَة كضعف الْبَطْش وَالْبَصَر

فعلى هَذَا لَو أبطل بِالْجِنَايَةِ بعض الْحُرُوف فالتوزيع على مَا يُحسنهُ لَا على جَمِيع الْحُرُوف

(و) تكمل دِيَة النَّفس فِي (ذهَاب الْبَصَر) من الْعَينَيْنِ لخَبر معَاذ بن جبل فِي الْبَصَر الدِّيَة وَهُوَ غَرِيب وَلِأَن منفعَته النّظر وَفِي ذهَاب بصر كل عين نصفهَا صَغِيرَة كَانَت أَو كَبِيرَة حادة أَو كالة صَحِيحَة أَو عليلة عمشاء أَو حولاء من شيخ أَو طِفْل حَيْثُ الْبَصَر السَّلِيم فَلَو قلعهَا لم يزدْ على نصف الدِّيَة كَمَا لَو قطع يَده

وَلَو ادّعى الْمَجْنِي عَلَيْهِ زَوَال الضَّوْء وَأنكر الْجَانِي سُئِلَ عَدْلَانِ من أهل الْخِبْرَة أَو رجل وَامْرَأَتَانِ

إِن كَانَ خطأ أَو شبه عمد

فَإِنَّهُم إِذا واوفقوا الشَّخْص فِي مُقَابلَة عين الشَّمْس ونظروا فِي عينه عرفُوا أَن الضَّوْء ذَاهِب أَو مَوْجُود فَإِن لم يُوجد مَا ذكر من أهل الْخِبْرَة امتحن الْمَجْنِي عَلَيْهِ بتقريب عقرب أَو حَدِيدَة محماة أَو نَحْو ذَلِك من عينه بَغْتَة وَنظر هَل ينزعج أَو لَا

فَإِن انزعج صدق الْجَانِي بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فالمجني عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ

وَإِن نقص ضوء الْمَجْنِي عَلَيْهِ فَإِن عرف قدر النَّقْص

بِأَن كَانَ يرى الشَّخْص من مَسَافَة فَصَارَ لَا يرَاهُ إِلَّا من نصفهَا مثلا فقسطه من الدِّيَة وَإِلَّا فَحُكُومَة

(و) تكمل دِيَة النَّفس فِي (ذهَاب السّمع) لخَبر الْبَيْهَقِيّ وَفِي السّمع الدِّيَة وَنقل ابْن الْمُنْذر فِيهِ الْإِجْمَاع

وَلِأَنَّهُ من أشرف الْحَواس فَكَانَ كالبصر بل هُوَ أشرف مِنْهُ عِنْد أَكثر الْفُقَهَاء

لِأَن بِهِ يدْرك الْفَهم وَيدْرك من الْجِهَات السِّت وَفِي النُّور والظملة وَلَا يدْرك بالبصر إِلَّا من جِهَة الْمُقَابلَة وبواسطة من ضِيَاء أَو شُعَاع

وَقَالَ أَكثر الْمُتَكَلِّمين بتفضيل الْبَصَر عَلَيْهِ لِأَن السّمع لَا يدْرك بِهِ إِلَّا الْأَصْوَات

وَالْبَصَر يدْرك بِهِ الأجساد والألوان والهيئات

فَلَمَّا كَانَ تعلقاته أَكثر كَانَ أشرف وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر

تَنْبِيه لَا بُد فِي وجوب الدِّيَة من تحقق زَوَاله فَلَو قَالَ أهل الْخِبْرَة يعود وقدروا لَهُ مُدَّة لَا يستبعد أَن يعِيش إِلَيْهَا انْتظر فَإِن استبعد ذَلِك أَو لم يقدروا لَهُ مُدَّة أخذت الدِّيَة فِي الْحَال

وَفِي إِزَالَته من أذن نصفهَا لَا لتَعَدد السّمع فَإِنَّهُ وَاحِد وَإِنَّمَا التَّعَدُّد فِي منفذه بِخِلَاف ضوء الْبَصَر إِذْ تِلْكَ اللطيفة مُتعَدِّدَة ومحلها الحدقة

بل لِأَن ضبط نقصانه بالمنفذ

أقرب مِنْهُ بِغَيْرِهِ وَهَذَا مَا نَص عَلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015