لِسَان نَاطِق بأخرس وَفِي قلع السن قصاص قَالَ تَعَالَى {وَالسّن بِالسِّنِّ} اي فَلَا قصاص فِي كسرهَا كَمَا لَا قصاص فِي كسر الْعِظَام نعم إِن أمكن فِيهَا الْقصاص فَعَن النَّص أَنه يجب لِأَن السن عظم مشَاهد من أَكثر الجوانب وَلأَهل الصَّنْعَة آلَات قطاعة يعْتَمد عَلَيْهَا فِي الضَّبْط فَلم تكن كَسَائِر الْعِظَام وَلَو قلع شخص مثغور وَهُوَ الَّذِي سَقَطت رواضعه سنّ كَبِير أَو صَغِير لم تسْقط أَسْنَانه الرواضع وَمِنْهَا المقلوعة فَلَا ضَمَان فِي الْحَال لِأَنَّهَا تعود غَالِبا فَإِن جَاءَ وَقت نباتها بِأَن سقط الْبَوَاقِي ونبتت دون المقلوعة وَقَالَ أهل الْخِبْرَة فسد المنبت وَجب الْقصاص فِيهَا حِينَئِذٍ وَلَا يسْتَوْفى للصَّغِير فِي صغره لِأَن الْقصاص للتشفي وَلَو قلع شخص سنّ مثغور فَنَبَتَتْ لم يسْقط الْقصاص لِأَن عودهَا نعْمَة جَدِيدَة من الله تَعَالَى (وكل عُضْو أَخذ) أَي قطع جِنَايَة (من مفصل) بِفَتْح الْمِيم وَكسر الْمُهْملَة كالمرفق والأنامل والكوع ومفصل الْقدَم وَالركبَة
(فَفِيهِ الْقصاص) لانضباط ذَلِك مَعَ الْأَمْن من اسْتِيفَاء الزِّيَادَة وَلَا يضر فِي الْقصاص عِنْد مُسَاوَاة الْمحل كبر وَصغر وَقصر وَطول وَقُوَّة بَطش وَضَعفه فِي عُضْو أُصَلِّي أَو زَائِد
وَمن المفاصل أصل الْفَخْذ والمنكب فَإِن أمكن الْقصاص فيهمَا بِلَا جَائِفَة اقْتصّ وَإِلَّا فَلَا سَوَاء أجاف الْجَانِي أم لَا
نعم إِن مَاتَ الْمَجْنِي عَلَيْهِ بذلك قطع الْجَانِي وَإِن لم يُمكن بِلَا إجافة وَيجب الْقصاص فِي فقء عين وَفِي قطع أذن وجفن وشفة سفلى وعليا ولسان وَذكر وأنثيين وشفرين وهما بِضَم الشين الْمُعْجَمَة تنثية شفر وَهُوَ حرف الْفرج وَفِي الأليتين وهما اللحمان الناتئان بَين الظّهْر والفخذ (وَلَا قصاص فِي الجروح) فِي سَائِر الْبدن لعدم ضَبطهَا وَعدم أَمن الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان طولا وعرضا (إِلَّا فِي) الْجراحَة (الْمُوَضّحَة) للعظم فِي أَي مَوضِع من الْبدن من غير كسر فَفِيهَا الْقصاص لتيسر ضَبطهَا
القَوْل فِي حكم الجروح فِي الْقصاص تَتِمَّة يعْتَبر قدر الْمُوَضّحَة بالمساحة طولا وعرضا فِي قصاصها لَا بالجزئية لِأَن الرأسين مثلا قد يَخْتَلِفَانِ صغرا وكبرا وَلَا يضر تفَاوت غلظ لحم وَجلد فِي قصاصها وَلَو أوضح كل رَأس المشجوج وَرَأس الشاج أَصْغَر من رَأسه استوعبناه إيضاحا وَلَا نكتفي بِهِ وَلَا نتممه من غَيره بل نَأْخُذ قسط الْبَاقِي من أرش الْمُوَضّحَة لَو وزع على جَمِيعهَا
وَإِن كَانَ رَأس الشاج أكبر من رَأس المشجوج أَخذ مِنْهُ قدر مُوضحَة رَأس المشجوج فَقَط والخيرة فِي تعْيين مَوْضِعه للجاني وَلَو أوضح نَاصِيَة من شخص وناصيته أَصْغَر من نَاصِيَة الْمَجْنِي عَلَيْهِ تمم من بَاقِي الرَّأْس لِأَن الرَّأْس كُله عُضْو وَاحِد وَلَو زَاد الْمُقْتَص عمدا فِي مُوضحَة على حَقه لزمَه قصاص الزِّيَادَة لتعمده
فَإِن كَانَ الزَّائِد خطأ أَو شبه عمد أَو عمدا وعفي عَنهُ على مَال وَجب أرش كَامِل وَلَو أوضحه جمع