وَحكم الْفَوات وَقد بَدَأَ بالقسم الأول فَقَالَ (وَيحرم على الْمحرم) بِحَجّ أَو عمْرَة أَو بهما أُمُور كَثِيرَة الْمَذْكُورَة مِنْهَا هُنَا (عشرَة أَشْيَاء) الأول (لبس الْمخيط) وَمَا فِي مَعْنَاهُ كالمنسوج على هَيئته والملزوق واللبد سَوَاء كَانَ من قطن أم من جلد وَمن غير ذَلِك فِي جَمِيع بدنه إِذا كَانَ مَعْمُولا على قدره على الْهَيْئَة المألوفة فِيهِ ليخرج مَا إِذا ارتدى بقميص أَو قبَاء أَو اتزر بسراويل فَإِنَّهُ لَا فديَة فِي ذَلِك
وَالْأَصْل فِي ذَلِك الْأَخْبَار الصَّحِيحَة كَخَبَر الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يلبس الْمحرم من الثِّيَاب فَقَالَ لَا يلبس القمص وَلَا العمائم وَلَا السَّرَاوِيل وَلَا البرانس وَلَا الْخفاف إِلَّا أحد لَا يجد نَعْلَيْنِ فيلبس الْخُفَّيْنِ وليقطعهما أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ وَلَا يلبس من الثِّيَاب شَيْئا مَسّه زعفران أَو ورس زَاد البُخَارِيّ وَلَا تنتقب الْمَرْأَة وَلَا تلبس القفازين
فَإِن قيل السُّؤَال عَمَّا يلبس فَأُجِيب بِمَا لَا يلبس مَا الْحِكْمَة فِي ذَلِك أُجِيب بِأَن مَا لَا يلبس مَحْصُور بِخِلَاف مَا يلبس إِذْ الأَصْل الْإِبَاحَة وَفِيه تَنْبِيه على أَنه كَانَ يَنْبَغِي السُّؤَال عَمَّا لَا يلبس وَبِأَن الْمُعْتَبر فِي الْجَواب مَا يحصل الْمَقْصُود وَإِن لم يُطَابق السُّؤَال صَرِيحًا
(و) الثَّانِي (تَغْطِيَة) بعض (الرَّأْس من الرجل) وَلَو الْبيَاض الَّذِي وَرَاء الْأذن سَوَاء أستر الْبَعْض الآخر أم لَا بِمَا يعد ساترا عرفا مخيطا كَانَ أَو غَيره كالعمامة والطيلسان وَكَذَا الطين والحناء الثخينان لخَبر الصَّحِيحَيْنِ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي الْمحرم الَّذِي خر من على بعيره مَيتا لَا تخمروا رَأسه فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة ملبيا بِخِلَاف مَا لَا يعد ساترا كاستظلال بمحمل وَإِن مَسّه فَإِن لبس أَو ستر بِغَيْر عذر حرم عَلَيْهِ وَلَزِمتهُ الْفِدْيَة فَإِن كَانَ لعذر من حر أَو برد أَو مداواة كَأَن جرح رَأسه فَشد عَلَيْهِ خرقَة فَيجوز لقَوْله تَعَالَى {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} لَكِن تلْزمهُ الْفِدْيَة قِيَاسا على الْحلق بِسَبَب الْأَذَى
(و) الثَّالِث ستر بعض (الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ من الْمَرْأَة) وَلَو أمة كَمَا فِي الْمَجْمُوع بِمَا يعد ساترا إِلَّا لحَاجَة فَيجوز مَعَ الْفِدْيَة