إِلَى وَطنه وَإِن لم يكن فِيهِ أهل وعشيرة فَلَو لم يجد مَا ذكر وَلَكِن كَانَ يكْتَسب فِي سَفَره مَا يَفِي بزاده وَبَاقِي مُؤْنَته وسفره طَوِيل مرحلتان فَأكْثر لم يُكَلف النّسك وَلَو كَانَ يكْسب فِي يَوْم كِفَايَة أَيَّام لِأَنَّهُ قد يَنْقَطِع عَن الْكسْب لعَارض وَبِتَقْدِير عدم الِانْقِطَاع فالجمع بَين تَعب السّفر وَالْكَسْب فِيهِ مشقة عَظِيمَة وَإِن قصر سَفَره وَكَانَ يكْتَسب فِي يَوْم كِفَايَة أَيَّام الْحَج كلف الْحَج بِأَن يخرج لَهُ لقلَّة الْمَشَقَّة حِينَئِذٍ وَقدر فِي الْمَجْمُوع أَيَّام الْحَج بِمَا بَين زَوَال سَابِع ذِي الْحجَّة وَزَوَال ثَالِث عشره وَهُوَ فِي حق من لم ينفر النَّفر الأول فَإِن لم يجد زادا وَاحْتَاجَ أَن يسْأَل النَّاس كره لَهُ اعْتِمَادًا على السُّؤَال إِن لم يكن لَهُ كسب وَإِلَّا منع بِنَاء على تَحْرِيم الْمَسْأَلَة للمكتسب كَمَا بَحثه الْأَذْرَعِيّ
(و) الثَّانِي من شُرُوط الِاسْتِطَاعَة وجود (الرَّاحِلَة) الصَّالِحَة لمثله بشرَاء أَو اسْتِئْجَار بِثمن أَو أُجْرَة مثل لمن بَينه وَبَين مَكَّة مرحلتان فَأكْثر قدر على الْمَشْي أم لَا لَكِن ينْدب للقادر على الْمَشْي الْحَج خُرُوجًا من خلاف من أوجبه وَمن بَينه وَبَين مَكَّة دون مرحلَتَيْنِ وَهُوَ قوي على الْمَشْي يلْزمه الْحَج لعدم الْمَشَقَّة فَلَا يعْتَبر فِي حَقه وجود الرَّاحِلَة فَإِن ضعف عَن الْمَشْي بِأَن عجز أَو لحقه ضَرَر ظَاهر كالبعيد عَن مَكَّة فَيشْتَرط فِي حَقه وجود الرَّاحِلَة فَإِن لحقه بالراحلة مشقة شَدِيدَة اشْترط محمل وَهُوَ الْخَشَبَة الَّتِي يركب فِيهَا بيع أَو إِجَارَة بعوض مثله دفعا للضَّرَر فِي حق الرجل وَلِأَنَّهُ أستر للْأُنْثَى وأحوط للخنثى وَاشْترط شريك أَيْضا مَعَ وجود الْمحمل يجلس فِي الشق الآخر لتعذر ركُوب شقّ لَا يعادله شَيْء فَإِن لم يجده لم يلْزمه النّسك وَإِن وجد مُؤنَة الْمحمل بِتَمَامِهِ أَو كَانَت الْعَادة جَارِيَة فِي مثله بالمعادلة بالأثقال كَمَا هُوَ ظَاهر كَلَام الْأَصْحَاب
وَيشْتَرط كَون مَا ذكر من الزَّاد وَالرَّاحِلَة والمحمل وَالشَّرِيك فاضلين عَن دينه حَالا كَانَ أَو مُؤَجّلا وَعَن كلفة من عَلَيْهِ نَفَقَتهم مُدَّة ذَهَابه وإيابه وَعَن مَسْكَنه اللَّائِق بِهِ الْمُسْتَغْرق لِحَاجَتِهِ وَعَن عبد يَلِيق بِهِ وَيحْتَاج إِلَيْهِ لخدمته وَيلْزمهُ صرف مَال تِجَارَته إِلَى الزَّاد وَالرَّاحِلَة وَمَا يتَعَلَّق بهما
(و) الشَّرْط السَّادِس للْوُجُوب (تخلية الطَّرِيق) أَي أَمنه وَلَو ظنا فِي كل مَكَان بِحَسب مَا يَلِيق بِهِ فَلَو خَافَ فِي طَرِيقه على نَفسه أَو عضوه أَو نفس مُحْتَرمَة مَعَه أَو عضوها أَو مَاله وَلَو يَسِيرا سبعا أَو عدوا أَو رصديا وَلَا طَرِيق لَهُ سواهُ لم يجب النّسك عَلَيْهِ لحُصُول الضَّرَر وَالْمرَاد بالأمن الْعَام حَتَّى لَو كَانَ الْخَوْف فِي حَقه وَحده قضى من تركته كَمَا نَقله البُلْقِينِيّ عَن النَّص
وَيجب ركُوب الْبَحْر إِن غلبت السَّلامَة فِي ركُوبه وَتعين طَرِيقا كسلوك طَرِيق الْبر عِنْد غَلَبَة السَّلامَة فَإِن غلب الْهَلَاك أَو اسْتَوَى الْأَمْرَانِ لم يجب بل يحرم لما فِيهِ من الْخطر
(و) السَّابِع (إِمْكَان الْمسير) إِلَى مَكَّة بِأَن يكون قد بَقِي من الْوَقْت مَا يتَمَكَّن فِيهِ من السّير الْمُعْتَاد لأَدَاء النّسك
وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد كَمَا نَقله الرَّافِعِيّ عَن الْأَئِمَّة وَإِن اعْتَرَضَهُ ابْن الصّلاح بِأَنَّهُ يشْتَرط لاستقراره لَا لوُجُوبه فقد صوب النَّوَوِيّ مَا قَالَه الرَّافِعِيّ
وَقَالَ السُّبْكِيّ إِن نَص الشَّافِعِي أَيْضا يشْهد لَهُ وَلَا بُد من وجود رفْقَة يخرج مَعَهم فِي الْوَقْت الَّذِي جرت عَادَة أهل بَلَده الْخُرُوج فِيهِ وَأَن يَسِيرُوا السّير الْمُعْتَاد فَإِن خَرجُوا قبله أَو أخروا الْخُرُوج بِحَيْثُ لَا يصلونَ مَكَّة إِلَّا بِأَكْثَرَ من مرحلة فِي كل يَوْم أَو كَانُوا يَسِيرُونَ فَوق الْعَادة لم يلْزمه الْخُرُوج هَذَا إِن احْتِيجَ إِلَى الرّفْقَة لدفع الْخَوْف فَإِن أَمن الطَّرِيق بِحَيْثُ لَا يخَاف الْوَاحِد فِيهَا لزمَه وَلَا