قولا وَمن علاماتها أَنَّهَا طَلْقَة لَا حارة وَلَا بَارِدَة وتطلع الشَّمْس فِي صبيحتها بَيْضَاء لَيْسَ فِيهَا كثير شُعَاع
وَينْدب أَن يكثر فِي لَيْلَتهَا من قَول اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْو كريم تحب الْعَفو فَاعْفُ عني وَأَن يجْتَهد فِي يَوْمهَا كَمَا يجْتَهد فِي لَيْلَتهَا وخصت بهَا هَذِه الْأمة وَهِي بَاقِيَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَيسن لمن رَآهَا أَن يكتمها
(وَله) أَي الِاعْتِكَاف (شَرْطَانِ) أَي ركنان فمراده بِالشّرطِ مَا لَا بُد مِنْهُ بل أَرْكَانه أَرْبَعَة كَمَا ستعرفه
الأول (النِّيَّة) بِالْقَلْبِ كَغَيْرِهِ من الْعِبَادَات وَتجب نِيَّة فَرضِيَّة فِي نَذره ليتميز عَن النَّفْل وَإِن أطلق الِاعْتِكَاف بِأَن لم يقدر لَهُ مُدَّة كفته نِيَّة وَإِن طَال مكثه لَكِن لَو خرج من الْمَسْجِد بِلَا عزم عود وَعَاد جددها سَوَاء أخرج لتبرز أم لغيره لِأَن مَا مضى عبَادَة تَامَّة فَإِن عزم على الْعود كَانَت هَذِه الْعَزِيمَة قَائِمَة مقَام النِّيَّة
وَلَو قَيده بِمدَّة كَيَوْم وَشهر وَخرج لغير تبرز وَعَاد جدد النِّيَّة أَيْضا وَإِن لم يطلّ الزَّمن لقطعه الِاعْتِكَاف بِخِلَاف خُرُوجه لتبرز فَإِنَّهُ لَا يجب تجديدها وَإِن طَال الزَّمن فَإِنَّهُ لَا بُد مِنْهُ فَهُوَ كالمستثنى عِنْد النِّيَّة لَا إِن نذر مُدَّة متتابعة فَخرج الْعذر لَا يقطع التَّتَابُع فَلَا يلْزمه تَجْدِيد سَوَاء أخرج لتبرز أم لغيره
(و) الثَّانِي (اللّّبْث) بِقدر مَا يُسمى عكوفا أَي إِقَامَة بِحَيْثُ يكون زَمَنهَا فَوق زمن الطُّمَأْنِينَة فِي الرُّكُوع وَنَحْوه فَلَا يَكْفِي قدرهَا وَلَا يجب السّكُون بل يَكْفِي التَّرَدُّد فِيهِ
وَأَشَارَ إِلَى الرُّكْن الثَّالِث بقوله (فِي الْمَسْجِد) فَلَا يَصح فِي غَيره لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وللإجماع وَلقَوْله تَعَالَى {وَلَا تباشروهن وَأَنْتُم عاكفون فِي الْمَسَاجِد} وَالْجَامِع أولى من بَقِيَّة الْمَسَاجِد لِكَثْرَة الْجَمَاعَة فِيهِ وَلِئَلَّا يحْتَاج إِلَى الْخُرُوج للْجُمُعَة وخروجا من خلاف من أوجبه بل لَو نذر مُدَّة متتابعة فِيهَا يَوْم جُمُعَة وَكَانَ مِمَّن تلْزمهُ الْجُمُعَة وَلم يشْتَرط الْخُرُوج لَهَا وَجب الْجَامِع لِأَن خُرُوجه لَهَا يبطل تتابعه وَلَو عين النَّاذِر فِي نَذره مَسْجِد مَكَّة أَو الْمَدِينَة أَو الْأَقْصَى تعين فَلَا يقوم غَيرهَا مقَامهَا لمزيد فَضلهَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد مَسْجِدي هَذَا وَالْمَسْجِد الْحَرَام وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيقوم مَسْجِد مَكَّة مقَام الآخرين لمزيد فَضله عَلَيْهِمَا وَيقوم مَسْجِد الْمَدِينَة مقَام الْأَقْصَى لمزيد فَضله عَلَيْهِ فَلَو عين مَسْجِدا غير الثَّلَاثَة لم يتَعَيَّن وَلَو عين زمن الِاعْتِكَاف فِي نَذره تعين
والركن الرَّابِع معتكف وَشَرطه إِسْلَام وعقل وخلو عَن حدث أكبر فَلَا يَصح اعْتِكَاف من اتّصف بضد شَيْء مِنْهَا لعدم صِحَة نِيَّة الْكَافِر وَمن لَا عقل لَهُ وَحُرْمَة مكث من بِهِ حدث أكبر بِالْمَسْجِدِ (وَلَا يخرج من) الْمَسْجِد فِي (الِاعْتِكَاف الْمَنْذُور) وَلَو غير مُقَيّد بِمدَّة وَلَا تتَابع (إِلَّا لحَاجَة الْإِنْسَان) من بَوْل وغائط وَمَا