لاستمرار عذره حَتَّى دخل رَمَضَان فَلَا فديَة عَلَيْهِ بِهَذَا التَّأْخِير
فَائِدَة وجوب الْفِدْيَة هُنَا للتأخير وفدية الشَّيْخ الْهَرم وَنَحْوه لأصل الصَّوْم وفدية الْمُرْضع وَالْحَامِل لتفويت فَضِيلَة الْوَقْت وبتكرير الْمَدّ إِذا لم يُخرجهُ بِتَكَرُّر السنين لِأَن الْحُقُوق الْمَالِيَّة لَا تتداخل وَلَو أخر قَضَاء رَمَضَان مَعَ إِمْكَانه حَتَّى دخل رَمَضَان آخر فَمَاتَ أخرج من تركته على الْجَدِيد السَّابِق لكل يَوْم مدان مد لفَوَات الصَّوْم وَمد للتأخير وعَلى الْقَدِيم وَهُوَ صَوْم الْوَلِيّ إِذا صَامَ حصل تدارك أصل الصَّوْم وَوَجَب فديَة للتأخير
(وَالْكَفَّارَة) أَن يخرج (عَن كل يَوْم مد وَهُوَ) كَمَا سبق (رَطْل وَثلث بالعراقي) أَي الْبَغْدَادِيّ وبالكيل نصف قدح بالمصري ومصرف الْفِدْيَة الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فَقَط دون بَقِيَّة الْأَصْنَاف الثَّمَانِية الْمَارَّة فِي قسم الصَّدقَات لقَوْله تَعَالَى {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين} وَالْفَقِير أَسْوَأ حَالا مِنْهُ فَإِذا جَازَ صرفهَا إِلَى الْمِسْكِين فالفقير أولى وَلَا يجب الْجمع بَينهمَا وَله الصّرْف أَمْدَاد من الْفِدْيَة إِلَى شخص وَاحِد لِأَن كل يَوْم عبَادَة مُسْتَقلَّة فالأمداد بِمَنْزِلَة الْكَفَّارَات بِخِلَاف الْمَدّ الْوَاحِد لَا يجوز صرفه إِلَى شَخْصَيْنِ لِأَن كل مد فديَة تَامَّة وَقد أوجب الله تَعَالَى صرف الْفِدْيَة إِلَى الْوَاحِد فَلَا ينقص عَنْهَا وَلَا يلْزم مِنْهُ امْتنَاع صرف فديتين إِلَى شخص وَاحِد كَمَا لَا يمْتَنع أَن يَأْخُذ الْوَاحِد من زكوات مُتعَدِّدَة وجنس الْفِدْيَة جنس الْفطْرَة ونوعها وصفتها وَقد سبق بَيَان ذَلِك فِي زَكَاة الْفطر
وَيعْتَبر فِي الْمَدّ الَّذِي توجبه هُنَا فِي الْكَفَّارَات أَن يكون فَاضلا عَن قوته كَزَكَاة الْفطر قَالَه الْقفال فِي فَتَاوِيهِ وَكَذَا عَمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ من مسكن وخادم
تَنْبِيه تَعْجِيل فديَة التَّأْخِير قبل دُخُول رَمَضَان الثَّانِي ليؤخر الْقَضَاء مَعَ الْإِمْكَان جَائِز فِي الْأَصَح كتعجيل الْكَفَّارَة قبل الْحِنْث الْمحرم وَيحرم التَّأْخِير وَلَا شَيْء على الْهَرم وَلَا الزَّمن وَلَا من اشتدت مشقة الصَّوْم عَلَيْهِ لتأخير الْفِدْيَة إِذا أخروها عَن السّنة الأولى وَلَيْسَ لَهُم وَلَا للحامل وَلَا للمرضع تَعْجِيل فديَة يَوْمَيْنِ فَأكْثر كَمَا لَا يجوز تَعْجِيل الزَّكَاة لعامين بِخِلَاف مَا لَو عجل من ذكر فديَة يَوْم فِيهِ أَو فِي ليلته فَإِنَّهُ جَائِز
(وَالْمَرِيض) وَإِن تعدى بِسَبَبِهِ (وَالْمُسَافر) سفرا طَويلا مُبَاحا (يفطران) بنية الترخيص (ويقضيان) لقَوْله تَعَالَى {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو على سفر} أَي فَأفْطر {فَعدَّة من أَيَّام أخر} وَلَا بُد فِي فطر الْمَرِيض من مشقة تبيح لَهُ التَّيَمُّم فَإِن خَافَ على نَفسه الْهَلَاك أَو ذهَاب مَنْفَعَة عُضْو وَجب عَلَيْهِ الْفطر قَالَ تَعَالَى {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} وَقَالَ تَعَالَى {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة}