وَبَعْضهمْ ضبط كَلَام المُصَنّف بِالضَّمِّ وَاعْترض عَلَيْهِ كَمَا اعْترض على الْمِنْهَاج فِي قَوْله فِي المندوبات وليصن لِسَانه عَن الْكَذِب والغيبة فَأن صون اللِّسَان عَن ذَلِك وَاجِب

وَأجِيب بِأَن الْمَعْنى أَنه يسن للصَّائِم من حَيْثُ الصَّوْم فَلَا يبطل صَوْمه بارتكاب ذَلِك بِخِلَاف ارْتِكَاب مَا يجب اجتنابه من حَيْثُ الصَّوْم كالاستقاءة

قَالَ السُّبْكِيّ وحديثخمس يفطرن الصَّائِم الْغَيْبَة والنميمة إِلَى آخِره ضَعِيف وَإِن صَحَّ

قَالَ الْمَاوَرْدِيّ فَالْمُرَاد بطلَان الثَّوَاب لَا الصَّوْم قَالَ وَمن هُنَا حسن عد الِاحْتِرَاز عَنهُ من آدَاب الصَّوْم وَإِن كَانَ وَاجِبا مُطلقًا

وَيسن ترك شَهْوَة لَا تبطل الصَّوْم كشم الرياحين وَالنَّظَر إِلَيْهَا لما فِيهَا من الترفه الَّذِي لَا يُنَاسب حِكْمَة الصَّوْم وَترك نَحْو حجم كفصد لِأَن ذَلِك يُضعفهُ وَترك ذوق طَعَام أَو غَيره خوف وُصُوله حلقه وَترك علك بِفَتْح الْعين لِأَنَّهُ يجمع الرِّيق فَإِن بلعه أفطر فِي وَجه وَإِن أَلْقَاهُ عطشه وَهُوَ مَكْرُوه كَمَا فِي الْمَجْمُوع

وَيسن أَن يغْتَسل من حدث أكبر لَيْلًا ليَكُون على طهر من أول الصَّوْم وَأَن يَقُول عقب فطره اللَّهُمَّ لَك صمت وعَلى رزقك أفطرت لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول ذَلِك رَوَاهُ الشَّيْخَانِ

وَأَن يكثر تِلَاوَة الْقُرْآن ومدارسته بِأَن يقْرَأ على غَيره وَيقْرَأ غَيره عَلَيْهِ فِي رَمَضَان لما فِي الصَّحِيحَيْنِ إِن جِبْرِيل كَانَ يلقى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كل سنة فِي رَمَضَان حَتَّى يَنْسَلِخ فَيعرض عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُرْآن

وَأَن يعْتَكف فِيهِ لَا سِيمَا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر مِنْهُ لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِك ولرجاء أَن يُصَادف لَيْلَة الْقدر إِذْ هِيَ منحصرة فِيهِ عندنَا

أَيَّام يجوز الصّيام فِيهَا (وَيحرم صِيَام خَمْسَة أَيَّام) أَي مَعَ بطلَان صيامها وَهِي (العيدان) الْفطر والأضحى بِالْإِجْمَاع الْمُسْتَند إِلَى نهي الشَّارِع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي خبر الصَّحِيحَيْنِ (وَأَيَّام التَّشْرِيق) الثَّلَاثَة بعد يَوْم النَّحْر وَلَو لمتمتع للنَّهْي عَن صيامها كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِي صَحِيح مُسلم أَيَّام منى أكل وَشرب وَذكر الله تَعَالَى

(وَيكرهُ صَوْم يَوْم الشَّك) كَرَاهَة تَنْزِيه

قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَهُوَ الْمَعْرُوف الْمَنْصُوص الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُعْتَمد فِي الْمَذْهَب تَحْرِيمه كَمَا فِي الرَّوْضَة والمنهاج وَالْمَجْمُوع لقَوْل عمار بن يَاسر من صَامَ يَوْم الشَّك فقد عصى أَبَا الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

تَنْبِيه يُمكن حمل كَلَام المُصَنّف على كَرَاهَة التَّحْرِيم فيوافق الْمُرَجح فِي الْمَذْهَب

(إِلَّا أَن يُوَافق) صَوْمه (عَادَة لَهُ) فِي تطوعه كَأَن كَانَ يسْرد الصَّوْم أَو يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا أَو الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس فَوَافَقَ صَوْمه يَوْم الشَّك وَله صَوْمه عَن قَضَاء أَو نذر كَنَظِيرِهِ من الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة لخَبر لَا تقدمُوا رَمَضَان بِصَوْم يَوْم أَو يَوْمَيْنِ إِلَّا رجل كَانَ يَصُوم صوما فليصمه وَقيس بالوارد الْبَاقِي بِجَامِع السَّبَب فَلَو صَامَهُ بِلَا سَبَب لم يَصح كَيَوْم الْعِيد بِجَامِع التَّحْرِيم وَقَوله (أَو يصله بِمَا قبله) مَبْنِيّ على جَوَاز ابْتِدَاء صَوْم النّصْف الثَّانِي من شعْبَان تَطَوّعا وَهُوَ وَجه ضَعِيف وَالأَصَح فِي الْمَجْمُوع تَحْرِيمه بِلَا سَبَب إِن لم يصله بِمَا قبله أَو صَامَهُ عَن قَضَاء أَو نذر أَو وَافق عَادَة لَهُ لخَبر إِذا انتصف شعْبَان فَلَا تَصُومُوا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره

فعلى هَذَا لَا يَكْفِي وصل صَوْم يَوْم الشَّك إِلَّا بِمَا قبل النّصْف الثَّانِي وَلَو وصل النّصْف الثَّانِي بِمَا قبله ثمَّ أفطر فِيهِ حرم عَلَيْهِ الصَّوْم إِلَّا أَن يكون لَهُ عَادَة قبل النّصْف الثَّانِي فَلهُ صَوْم أَيَّامهَا

فَإِن قيل هلا اسْتحبَّ صَوْم يَوْم الشَّك إِذا أطبق الْغَيْم خُرُوجًا من خلاف الإِمَام أَحْمد حَيْثُ قَالَ بِوُجُوب صَوْمه حِينَئِذٍ أُجِيب بِأَنا لَا نراعي الْخلاف إِذا خَالف سنة صَرِيحَة وَهِي هُنَا خبر إِذا غم عَلَيْكُم فأكملوا عدَّة شعْبَان ثَلَاثِينَ وَيَوْم الشَّك هُوَ يَوْم الثَّلَاثِينَ من شعْبَان إِذا تحدث النَّاس بِرُؤْيَتِهِ أَو شهد بهَا عدد ترد شَهَادَتهم كصبيان أَو نسَاء أَو عبيد أَو فسقة وَظن صدقهم كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَإِنَّمَا لم يَصح صَوْمه عَن رَمَضَان لِأَنَّهُ لم يثبت كَونه مِنْهُ

نعم من اعْتقد صدق من قَالَ إِنَّه رَآهُ مِمَّن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015