قال أبو جعفر: لم تلتقيا في القرآن أولاهما ساكنة، والتقتا وأولاهما متحركة، نحو: {نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ} [الشعراء: 69] ، و {يَشَاءُ إِلَى} [النور: 64] .

ولو كان أبو عمرو ممن يحقق الهمزتين لأدغم، لكنه يخفف إحداهما على ما سنذكره من مذهبه، فلا طريق مع ذلك إلى الإدغام.

وقوم من القراء يقولون: لو لقيت مثلها ساكنة في القرآن جاز إدغامها وإظهارها، يعنون بالإظهار التخفيف.

قالوا: ولا بد مع تحريكهما من الإظهار، على مثل: قرأ أبوك، {نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ} ونحوه, وأما على نحو: رأس، والدأَّث في اسم وادٍ، وسأَّل ونحوه، فإنه مدغم لأنه لا شيء يصح سواه.

باب الباء:

أدغمها في مثلها حيث وقع، تحرك ما قبلها أو سكن، نحو: {لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ} [البقرة: 20] ، و {الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} [الزمر: 2] ، و {الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ} [الكهف: 58] ، و {عَاقَبَ بِمِثْلِ} [الحج: 60] ، و {يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} [الماعون: 1] .

وفي الميم في: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} لا غير, وجملته خمسة مواضع1.

فأما {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} في [البقرة: 284] فهو سادس, وهو من الإدغام الصغير وسنذكره في موضعه.

وأظهر النظائر نحو: {أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا} [البقرة: 26] ، و {ضُرِبَ مَثَلٌ} [الحج: 73] ، و {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا} [آل عمران: 181] ، وكأنه خص {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} استثقالا للخروج من كسر إلى ضم، على أن ابن سعدان روى عن اليزيدي: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ} [المائدة: 39] مدغما، "وأبا زيد روى الإظهار في: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} ".

فأما: {لَا رَيْبَ فِيهِ} حيث وقع، فرواية اليزيدي الإظهار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015