اختلاسا، وذلك مثل: يضربها، ومن مأمنك، يسرعون اللفظ، ومن ثم قرأ أبو عمرو {إِلَى بَارِئِكُمْ} ، ويدلك على أنها متحركة قولهم: من مأمنك، يبينون النون، فلو كانت ساكنة لم تبين النون".
قال أبو جعفر: واختار ابن مجاهد ما حكى سيبويه عن أبي عمرو وقال: هو أشبه بمذهبه، وهو كما قال، فقرأت من طريقه على أبي الزعراء عن الدوري بالاختلاس، وكذلك قرأت على أبي القاسم -رحمه الله- لأبي شعيب من طريق الأهوازي، وهو اختيار أبي -رضي الله عنه- الذي يأخذ به لأبي عمرو في رواية أبي عمر وأبي شعيب عن الشذائي، قال لي: وآخذ على المبتدئ لأبي شعيب بالإسكان.
وبالإسكان لأبي شعيب قرأت على غير أبي القاسم، وبه جاءت النصوص عن اليزيدي، وهو عند سيبويه مما يختص به الشعر، قال سيبويه: "وقد يجوز أن يسكنوا المجرور والمرفوع في الشعر، شبهوا ذلك بكسرة: فَخِذ، حيث حذفوا فقالوا: فَخْذ، وبضمة: عَضُد، حيث حذفوا فقالوا: عَضْد؛ لأن الرفعة ضمة، والجرة كسرة".
وقال لي أبي -رضي الله عنه: روايتهم عن اليزيدي الإسكان إنما هو تجوز في العبارة, أو تحصيل للفرق بين الاختلاس والإسكان، والوجه رد مذهب أبي عمرو إلى ما تقرر عنه في الكتاب.
وقرأ الباقون بإشباع الحركة في هذه الكلم.
من ذلك: {أَرِنَا} ، و {أَرِنِي} وجملتها خمسة مواضع: في البقرة: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} [128] ، و {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [260] ، وفي [النساء: 153] : {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} ، وفي [الأعراف: 143] {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} ، وفي [فصلت: 29] : {أَرِنَا الَّذَيْنِ} .
قرأ ابن كثير وأبو شعيب, إلا من طريق الأهوازي، بإسكان الراء فيهن، وهو على بعده وجه من الإسكان في {بَارِئِكُمْ} ونظائره؛ لأن الكسرة فيه بناء.
تابعهما على الإسكان في {فُصِّلَتْ} ابن عامر وأبو بكر.