و {تَبَوَّأُوا الدَّارَ} [الحشر: 9] وبابه فممدود في الوقف؛ لأن سقوط حرف المد في الوصل هو العارض.
فجماع مذهبهم في هذا الأصل مختصرا أن نقول: كل همزة لازمة متقدمة على حرف المد، مبتدأة في حال تقدمها أو متوسطة، متحركا ما قبلها، لازما أو عارضا، أو ساكنا وهو غير معتل، فورش يمد الحروف الثلاثة إلا ما استثني. وقد تنازع القراء في هذا الأصل، فمنهم من أخذ فيه لورش بالمد الطويل المفرط، وعلى ذلك المغاربة، وقد قرأت على غير واحد منهم فرأيتهم يفضلونه في المد على ما تأخرت فيه الهمزة نحو {جَاءَ} ومنهم من زاد في التمكين على نحو ما يزيد مع تأخر الهمزة.
ومنهم من ترك زيادة المد في ذلك البتة، إما منكرا لظاهر الرواية، أو متأولا لها، وإما مختارا لما الرواية عنده خلافه.
فحكى أبو الحسين بن كرز، عن أبي القاسم بن عبد الوهاب، عن الأهوازي، عن أبي بكر الشذائي أنه يكره المد في "آمن، وآدم" ونحوه من المفتوح لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر، ولا يكره ذلك في "إيمان، وأوتوا".
وكان أبو الحسن الأنطاكي ينكر زيادة المد في الباب كله، وعلى ذلك كان شيخه إبراهيم بن عبد الرزاق وجماعة من نظرائه.
وإلى إنكار ذلك ذهبت جماعة من المتأخرين، منهم طاهر بن غلبون، واعتمدوا في علة إنكار ذلك على التباس الخبر بالاستفهام.
وقد وضع أبو محمد مكي كتابا يؤيد فيه قول المصريين، وكذلك أبو عبد الله بن سفيان وضع كتابا على الأنطاكي خاصة، إلا أنه تعدى فيه الرد عليه إلى التحامل والجفاء.
وكان أبو عمرو عثمان بن سعيد يذهب إلى أن ما جاء عن أهل مصر ليس فيه دليل على زيادة المد في هذا الأصل، وتأول ما ورد عنهم على ما قد ذكروه في كتبهم.