إلا أن الحلواني عن القواس أثبت الألف، ومدها مدا وسطا في ثلاث كلمات لا غير، قوله تعالى: {يَا آدَمُ} حيث وقع، و {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28] ، و {يَا أَيُّهَا} حيث كان، وباقي الباب بالبتر.

فحدثني أبو داود عن أبي عمرو قال: "هذا مكروه قبيح، لا يُعمل عليه ولا يُؤخذ به، إذ هو لحن لا يجوز بوجه، ولا تجوز القراءة به، ولعلهم أرادوا حذف الزيادة لحرف المد وإسقاطها، فعبروا عن ذلك بحذف حرف المد وإسقاطه مجازا".

وقال لي أبي -رضي الله عنه: يعني بالبتر حذف المد الذي تجلبه الهمزة، وليس يعني المد الذي كان في الألف قبل مجيء الهمزة؛ لأن ذلك لا يبتر من قبل الهمزة إنما توجب الزيادة في المد، ولا تجلب نقضه ولا إزالته.

وكنت حين قرأت بهذا الطريق على أبي القاسم -رحمه الله- مرة أبتر المد جدا على حسب الظاهر من الرواية، ومرة آتي بأقصر التمكين غير مبتور.

ولا خلاف في تمكين حروف المد واللين وإن لم يلقهن شيء مما ذكرنا، تمكينا وسطا1 من غير إشباع ولا زيادة نحو "قال, وقولوا، وقيل، وتاب، ويتوب" وشبهه، وإن سمى هذا مقصورا فعلى معنى أنه قصر عن المد المشبع؛ لأنه لا مد فيه البتة، وأمكنهن في المد الألف ثم الياء ثم الواو.

وكان أبو القاسم يحكي لنا عن أبي بكر الصقلي أنه كان يذهب إلى أن أمكنهن في المد الواو ثم الياء ثم الألف، وهكذا وضع هذا أبو بكر في كتابه المعروف بـ "الاقتداء".

وقال ابن عبد الوهاب، فيما أخبرني عنه أبو الحسن بن كرز:

أجمعوا على مد {يَا آدَمُ} ، و {يَا أُخْت} , وأشكاله، أجروها مجرى ما هو من كلمة للزومها ما بعدها. قال: ويلزم مثل ذلك في: {هَؤُلاءِ} ثم فرق بين "ما" و"يا" بتعليل ذكره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015