فإذا كانت الهمزة المكسورة منفصلة من الضمة نحو قولهم: عبد إخوانه، فقد ذكرنا أن أبا الحسن يوافق سيبويه على تخفيفها إلى الياء، إلا أن أبا الحسن يبدلها ياء، وسيبويه يجعلها بين الهمزة والياء، قال: لأن الضمة المنفصلة بعيدة من الهمزة في التقدير، فلم يكن لها تأثير.
وأما ما ذكروه مما جرى على شذوذ, فإنه لا يخرج عن أحد ثلاثة أوجه:
الأول: حذف الهمزة حذفا استثقالا لها، كما قالوا: ويلمه، ويابا المغيرة، وكما روي عن ابن كثير "لاحدى الكبر" [المدثر: 35] .
الثاني: التحويل, وهو قلب الهمزة حرف علة، وتخفيفها بالبدل أبدا.
الثالث: ما ذهب إليه الكوفيون من تخفيف المتحركة التي قبلها واو أو ياء للمد بين بين كالألف.
فهذه الأصول من حفظها، ووقف عليها لم يخف عليه من أحكام الهمز شيء, إن شاء الله.
إجراء المسائل على الأصول:
من ذلك: {الْمَوْؤُودَةُ} [التكوير: 8] قال الشذائي: كان ابن مجاهد يذهب إلى الوقف عليه في قراءة حمزة "المَوْدَة" بوزن الموزة، وهو قول الفراء، وقال أبو طاهر بن أبي هاشم: كان حمزة إذا وقف لفظ بعد فتحة الميم بواو ساكنة، ثم أشار إلى الهمزة بصدره، ثم أتى بعدها بواو ساكنة، قال: وهذا ما لا يضبطه الكتاب.
قال أبو جعفر: أما ما ذهب إليه ابن مجاهد فهو على حذف الهمزة اعتباطا، كما قالوا: ويلمه، ويابا المغيرة، وكما قرأ الزهري "فلا اثم عليه" فإذا حذفت التقى ساكنان فحذف الثاني فجاء "المودة".وذكر فيه أبو محمد مكي تعليلا آخر، وهو أنه خفف على القياس، فجاء "الموودة" ثم استثقل الضمة على الواو فأزالها، فالتقى ساكنان فحذف.