فالهمزة لا تخلو من أن تكون متحركة قبلها متحرك، أو متحركة قبلها ساكن, أو ساكنة قبلها متحرك.

فالمتحركة المتحرك ما قبلها: تخفف بين بين أبدا "كسأل، ولؤم، ويئس، {وإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ} "، إلا المفتوحة المضموم ما قبلها، أو المكسور ما قبلها "كجؤن، ومئر" فإنها تخفف بالبدل حرفا منه حركة ما قبلها "فتقول: جون ومير"، وإنما كان ذلك لأنها لو قربت من الألف لم يمكن ذلك؛ لأن الألف لا يكون قبلها ضمة ولا كسرة، فكذلك ما قرب منها.

وإذا كانت ساكنة: خففت بالبدل، تبدل حرفا منه حركة ما قبلها، وإنما كان ذلك كذلك لأن بين بين تقريب المتحرك من الساكن الذي هو أخف منه، وليس بعد الساكن ما هو أخف منه، ولا يمكن ذلك، فرجعوا إلى البدل في الساكنة، كما رجعوا إليه في المتحركة المفتوحة التي قبلها ضمة أو كسرة.

وإذا كانت متحركة قبلها ساكن, فلا يخلو الساكن أن يكون حرفا صحيحا أو حرف علة. فإن كان صحيحا خففت الهمزة بأن تحذف وتنقل حركتها إلى الساكن نحو: "الجزء، والخبء، والمرأة، والنشأة" تقول في التخفيف: الجز، والخب، والمرة، والنشة.

وإنما كان كذلك لأن تخفيفها بين بين وبالبدل ممتنع؛ لأنه لا يجتمع ساكنان في الوصل، ولا ساكن ومقرب من ساكن، كما لم يجز أن يبتدأ بساكن ولا بمقرب منه؛ لأن ما بعد الساكن في حكم ما يبتدأ به، وقد مضى تمثيل هذا كله.

وروى سيبويه أن منهم من يخفف الهمزة هنا بالبدل لسكون ما قبلها، فيجريها مجرى الساكنة فيقول: الكماة والمراة، ويمكن أن يكونوا كتبوا في المصحف "النشأة" بالألف مراعاة لحال تخفيفها في هذه اللغة، ويمكن أن يكون على مذهب أهل التحقيق1.

وإذا كان الساكن حرف علة, فلا يخلو من أن يكون ألفا أو واوا أو ياء، فالألف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015