قال أبو جعفر: وأهل الأندلس والمغرب، على ما حكي عن البغداديين من إذهاب الغنة، يأخذون للجميع، وبه قرأت على أبي -رضي الله عنه- وسائر من لقيت إلا أبا القاسم -رحمه الله- فإني قرأت عليه من طريق ابن حبش عن أبي شعيب، والنقاش عن ابن ذكوان، بالغنة فيهما، ومن طريق الشنبوذي والثغري عن ابن الأخرم، عن ابن ذكون, بالغنة في الراء وحدها، ومن طريق السلمي عن ابن الأخرم بلا غنة فيهما.

وحدثني بسنده إلى الخزاعي أن الحلواني روى عن هشام الغنة في اللام وحدها.

والآخذون بالغنة في الراء واللام كثير جدا عن جميع القراء، وإنما ذكرت من قرأت له بها من طرق هذا الكتاب، وهو مذهب مشهور، لا ينبغي أن نستوحش منه؛ لتظاهر الروايات به، وصحته في العربية، وبعضهم يرجحه على إذهابها1، كما كان ذلك في حروف الإطباق، وكذلك أيضا عند الواو والياء.

وسألت أبي -رضي الله عنه: أيهما أحب إليك في الراء واللام؟ فقال: الأمر في هذا متقارب، قال: وإنما أميل إلى ذهاب الغنة، وإذا كان سيبويه قد حكى إذهاب الإطباق في "أَحَطتُّ" ونحوه فإذهاب الغنة أقرب.

وقال أبو بكر بن أشتة: وإنما الوجهان، يعني لا خلاف بين القراء في إذهاب الغنة وتبقيتها عند الراء واللام فيما النون ثابتة في الخط في ذلك، فأما ما كانت النون محذوفة2 فالعامة مجمعة على الإدغام فيه.

قال أبو جعفر: والغنة صوت يخرج من الخياشيم تابع لصوت النون والميم الساكنتين، وهي في النون أقوى وأبين، ومن بقى الغنة مع هذه الحروف الأربعة كان تشديده أقل من تشديد من لم يبقها، ومن بقى الغنة فهو مدغم كمن لم يبقها.

وفي هذا الموضع خلاف، فحدثنا أبو داود، حدثنا أبو عمرو أن أبا الطيب التائب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015