تابعه من أهل الظاهر العودة إنما هي القول، وقد تابعه على هذا القول الفراء في بعض الروايات عنه. وهذا القول بعيد عن الصواب، ويدل على ذلك أن آية الظهار إنما نزلت في تظاهر أوس بن الصامت من امرأته خولة، ولم يرو أحد كما علمناه أن الظهار كان مرتين، ولا أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله هل ظاهر ثم عاد لقول الظهار مرة أخرى؟ ولا يصح في تأويل الآية إلا [على] ما قاله مالك والشافعي، ومن رأى رأيهما أن المراد العود إلى الوطء، أو الإمساك، والعزيمة على ذلك.
فإن قيل: لا يصح هذا إلا على حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، فيكون التقدير: ثم يعودون لوطء القول أو لإمساك القول، والقول لا يوصف بالوطء.
فجوابنا: أنه لا خلاف بين البصريين من النحويين والكوفيين: أن العرب تقيم الصمدر مقام المفعول تارة، ومقام الفاعل تارة، فيقولون: درهم ضرب بلد كذا، وثوب نسج اليمن، ورجل رضى، والمعنى: منسوج ومضروب ومرضي. وكذلك يقولون: رجل عدل: أي: عادل، وصوم: أي: صائم، وهو كثير جداً، وإذا صح هذا كان القول في الآية واقعاً موقع المفعول، وكان التقدير: ثم يعودون لوطء المقول فيه الظهار، أو الإمساك المقول فيه الظهار.