خمراً؛ إذ كانت نائبة مناب الخمر، وسادة مسدها، وكان معنى الخمر موجوداً فيها كلها، وكان منهم من لا يسميها خمراً. قال:
لنا العين تجري من كسيس ومن خمر
فجعل الكسيس غير الخمر، ومن الدليل عليه اتفاق الفقهاء على أن الخمر المعصور من العنب التي تغلي بغير نار حرام قليلها وكثيرها، واختلافهم في غيرها مما يسمى الخمر. فلو اعتقد أن وقوع اسم الخمر على الجميع وقوعاً واحداً لم يختلفوا فيما كان على غير الصفة المتفق عليها، وكذلك- أيضاً- يدل عليه أن المتشددين في الأنبذة الذين أجروها مجرى واحداً يكفرون من استحل الخمر المتفق عليها ولا يكفرون من استحل نبيذ العسل ونحوه، فدل على أن وقوع اسم الخمر عليها وقوعاً مختلفاً فيه، فلما قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ...} الآية. احتمل الخمر المشهور التي لا يختلف في تسميتها بذلك دون غيرها، واحتمل جميع ما يقع عليه هذا الاسم، فأوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الإيهام بأن قال: "كل مسكر خمر" أي: حكمه حكم الخمر؛ ولهذا احتاج إلى أن يقال: الخمر يكون من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير، ولو كان مشهوراً أنها تسمى الخمر لم يحتج لهذا، ولكان في قوله تعالى