وأنشد في هذا الباب:

(383)

(أزمان عيناء سرور المسرور ... عيناء حوراء من العين الحير)

هذا الرجز أنشده الأصمعي عن أبي مهدي. وأنشد قبله

هل تعرف الدار بأعلى ذي القور ... قد درست غير رماد مكفور

مكتئب اللون مروح ممطور

والقور: جمع قارة؛ وهي جبيل صغير أسود اللون. والرماد المكفور: الذي عطاه التراب بهبوب الرياح عليه. والمروح: الذي أصابته الرياح، ويروى مريح وهو مما جاء نادراً على غير قياس، كأنه بنى على فعل ما لم يسم فاعله، وجعله مكتئب اللون لتغيره بالقدم. وكذلك الكآبة، إنما هي تغير الوجه من الحزن. ويجوز أن يجعله كالحزين لذهاب أهل الدار. وعيناء الأولى: اسم امرأة علم لها، وعيناء الثانية "صنعة لها بعم العينين. وقال الحير إتباعاً للعين وليس بلغة في الحور، وكأنه كره الخروج من كسره اللون من العين إلى ضمة الحاء ثم الانحدار إلى كسره الراء. ولم يعتد بالسواكن الفاصلة بينهما كما قلبوا السين صاداً في بسطة، كراهية للخروج من تسفل السين إلى استعلاء الطاء، ونصب أزمان بفعل مضمر كأنه قال: أذكر أزمان ونحوه من التقدير. ولا يجوز أن يعمل فيه (تعرف) لأنه لم يستفهمه هل يعرفها حين كان بها عيناء، إنما استفهمه هل يعرفه حين عفت وتغيرت. ولا يجوز أن تعمل فيه درست، لأن الدروس لم يكن في الوقت لذي كانت فيه عيناء سروراً للمسرور بها.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015