من بلى بأحدهما بالهلاك، وقد يجتمعان في الشخص الواحد كما هو حال أكثر الخلق، يكون مقصراً مفرّطاً في بعض دينه، غالياً متجاوزاً في بعضه، والمهدي من هداه الله "1.
وهذا هو الاقتصاد الذي أراده المصنف عنواناً لهذا الكتاب، وقد أدى كتابه هذا ما هدف إليه من إيضاح الحق بأدلته الناصعة من القرآن والسنة، وأقوال أئمة السلف، وبيان أن السلف ـ رحمهم الله ـ أعدل الطوائف في باب الاعتقاد، حيث ساروا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ضاربين بكل ما يخالف منهج الوحي عرض الحائط، متمسكين بنصوصه، ولم يغلو في إثبات ما جاءت به على خلاف منطوقها في الإثبات، ومفهوم القواعد العامة التي وضعت لهذا الإثبات، حيث تجاوزوا الإفراط في الإثبات الذي يؤدي إلى التشبيه، والتفريط فيه الذي أدى إلى التعطيل، فسلكوا مسلك الوحي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ، كما أنهم لم يُفْرطوا في إثبات القدر إلى حد القول بالجبر، كما فعلت الجبرية،