إحدى وأربعين وخمسمائة، وثمان سنين على القول بأن ولادته كانت سنة أربع وأربعين وخسمائة، وكان أول طلبه العلم بها، حيث سمع من أبي المكارم عبد الواحد بن محمد بن هلال، وأبي علي الحسن بن مكي بن جعفر الصوفي وغيرهما.
وكانت هذه الرحلة بداية الانطلاق لمراحل أرحب، ورحلات أشق وأوسع، ففي سنة ستين وقيل إحدى وستين وخمسمائة رحل إلى بغداد، وكانت حاضرة العلم والعلماء في ذلك الوقت، وقد صحبه في هذه الرحلة ابن خالته الإمام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، وكان بين ميولهما العلمية اختلاف، فبينما فضل الإمام الموفق الاتجاه إلى الفقه والعناية به، والتبحر فيه، وجه الحافظ عبد الغني عنايته إلى الحديث.
وفيها نزلا على الشيخ عبد القادر الجيلي في مدرسته، وكان لا ينزل بها أحداً، إلا أنه توسم فيهما الخير والنجابة والصلاح، وكان يراعيهما، ويحسن إليهما، وقرآ عليه شيئاً من الحديث والفقه، ودامت إقامتهما عنده أربعين يوماً ـ كما ذكر الشيخ الموفق، وقيل خمسين، توفي بعدها الشيخ عبد القادر، ثم تتلمذا بعده في الفقه