رحلاته العلمية
ما تحدثنا به كتب التاريخ عن الوسائل التي اتبعها علماؤنا الأجلاء من سلفنا الصالح في سبيل تحصيل العلم، وتتبع مصادره، وجمع شتاته، تحفز الهمم، وتبعث على الإعجاب والتقدير، فقد كانوا ـ رحمهم الله ـ يركبون الصعب والذلول، ويقطعون المفاوز، ويتعرضون للأخطار الجسام، في سبيل الوصول إلى العلماء في مواطن إقامتهم، والأخذ عنهم، وتدوين علمهم، وروايته ونشره، خدمة لهذا الدين، وأداءاً لواجب الأمانة، ونصحاً للأمة، وهداية لها بنور العلم الشرعي الأصيل.
والحافظ عبد الغني المقدسي لم يصل إلى ما وصل إليه من مكانة علمية سامقة، ولم يتمكن من النبوغ الفريد في علم الحديث، ويؤلف ما ألف فيه من كتب عظيمة، إلا بعد بذل جهد كبير، ومكابدة مشقة عظيمة، فقد سلك السنة المعروفة المميزة لجهابذة العلماء، ألا وهي الرحلة في سبيل الطلب، والإتصال بأئمة هذا