تعالى لو أراد تسكين يد العبد إذا أراد العبد تحريكها فلا يخلو إما أن توجد الحركة والسكون جميعاً أو كلاهما لا يوجد فيؤدي إلى اجتماع الحركة والسكون أو إلى الخلو عنهما، والخلو عنهما مع التناقض يوجب بطلان القدرتين، إذ القدرة ما يحصل بها المقدور عند تحقق الإرادة وقبول المحل، فإن ظن الخصم أن مقدور الله تعالى يترجح لأن قدرته أقوى فهو محال، لأن تعلق القدرة بحركة واحدة لا تفضل تعلق القدرة الأخرى بها، إذ كانت فائدة القدرتين الاختراع وإنما قوته باقتداره على غيره واقتداره على غيره غير مرجح في الحركة التي فيها الكلام، إذ حظ الحركة من كل واحدة من القدرتين أن تصير مخترعة بها والاختراع يتساوى فليس فيه أشد ولا أضعف حتى يكون فيه ترجيح، فإذاً الدليل القاطع على إثبات القدرتين ساقنا إلى إثبات مقدور بين قادرين.
فإن قيل: الدليل لا يسوق إلى محال لا يفهم وما ذكرتموه غير مفهوم.
قلنا: علينا تفهيمه وهو أنا نقول اختراع الله سبحانه للحركة في العبد معقول دون أن تكون الحركة مقدورة للعبد، فمهما خلق الحركة وخلق معها قدرة عليها كان هو المستبد بالاختراع للقدرة والمقدور جميعاً، فخرج منه أنه منفرد بالاختراع وأن الحركة موجودة وأن المتحرك عليها قادر وبسبب كونه قادراً فارق حاله حال المرتعد فاندفعت الإشكالات كلها. وحاصله أن القادر الواسع القدرة هو قادر على الاختراع للقدرة والمقدور معاً، ولما كان اسم الخالق والمخترع مطلقاً على من أوجد الشيء بقدرته وكانت القدرة والمقدور جميعاً بقدرة الله تعالى، سمي خالقاً ومخترعاً. ولم يكن المقدور مخترعاً بقدرة العبد وإن كان معه فلم يسم خالقاً ولا مخترعاً ووجب أن يطلب لهذا النمط من النسبة اسم آخر مخالف فطلب له اسم الكسب تيمناً بكتاب الله