ومتى كانت هذه الأوضاع مختلفة متباينة في النوع والدرجة من بلد إلى آخر، بل ومن إقليم إلى آخر داخل الدولة كان من الطبيعي أن يؤدي نقلها وتطبيقها في بلد آخر أو في إقليم آخر إلى نتائج سلبية، إذ عاشت هذه النماذج في التطبيق غريبة كل الغرابة عن الواقع الهيكلي للدولة الإسلامية التي أخذت بها لأن النقل لم يتناول في الواقع سوى الجانب المادي من النموذج (أي تنظيماته ووسائله) دون الجانب المذهبي، لأن هذا الجانب الأخير لا يمكن أن يتناوله الاستيراد والنقل. وهكذا انقطعت الصلة العضوية بين النموذج وأصوله الفكرية والمذهبية، تلك الأصول التي كانت ثمار تطور فكري طويل أسهمت في تكوينه عوامل عديدة من فلسفية واجتماعية واقتصادية وأخلاقية وغيرها.