وَغَيرهم قد يَقُول أَن الِاضْطِرَاب فِي الحَدِيث دَلِيل على عدم انضباطه
وَهَذَا إِنَّمَا يتَوَجَّه إِذا كَانَ لَا دَلِيل لنا على أَن الحَدِيث عَنْهُمَا جَمِيعًا أما أَن دلّ دَلِيل على ذَلِك فَلَا اخْتِلَاف مثل أَن يروي إِنْسَان حَدِيثا عَن رجل تَارَة ويروي ذَلِك الحَدِيث عَن آخر تَارَة أُخْرَى ثمَّ يرويهِ عَنْهُمَا مَعًا فِي مرّة ثَالِثَة
وَأما أَن كَانَ أحد الراويين ضَعِيفا فقد تردد الْحَال بَين أَن يكون عَن الْقوي أَو عَن الضَّعِيف أَو عَنْهُمَا
وَهُوَ على أحد هَذِه التقديرات غير حجَّة وَهُوَ مَا إِذا كَانَ عَن الضَّعِيف وَهَذَا بِشَرْط أَن لَا يكون الطريقان مُخْتَلفين بل يكونَانِ عَن رجل وَاحِد وَمَعَ ذَلِك فجوز أَن يكون قد رَوَاهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا
فَمن يعْتَمد مُجَرّد الْجَوَاز لَا يلْتَفت إِلَى هَذَا التَّعْلِيل وَلَا يغفلن فِي جَمِيع هَذَا عَن طلب التَّرْجِيح عِنْد الِاخْتِلَاف فَإِن النّظر إِنَّمَا هُوَ عِنْد التَّسَاوِي أَو التَّفَاوُت - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التَّاسِع عشر المدرج
وَهِي أَلْفَاظ تقع مَعَ بعض الروَاة مُتَّصِلَة بِلَفْظ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيكون ظَاهرهَا أَنَّهَا من لَفظه فَيدل دَلِيل على أَنه من لفظ الرَّاوِي
وَكَثِيرًا مَا يستدلون على ذَلِك بِأَن يرد الْفَصْل بَين كَلَام الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَلَام الرَّاوِي مُبينًا فِي بعض الرِّوَايَات
وَهَذَا طَرِيق ظَنِّي قد يقوى قُوَّة صَالِحَة فِي بعض الْمَوَاضِع وَقد يضعف
فمما يقوى فِيهِ أَن يكون كَلَام الرَّاوِي أَتَى بعد انْقِضَاء كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُتَّصِلا بِآخِرهِ
وَمِمَّا قد يضعف فِيهِ أَن يكون مدرجا فِي أثْنَاء لفظ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا سِيمَا أَن كَانَ مقدما على اللَّفْظ الْمَرْوِيّ أَو مَعْطُوفًا عَلَيْهِ بواو الْعَطف كَمَا لَو قَالَ من مس أنثييه وَذكره فَليَتَوَضَّأ بِتَقْدِيم لفظ الْأُنْثَيَيْنِ على الذّكر فههنا يضعف