مثل رَضِعَ يَرْضَع ــ أي سال الدم، اللون لون الدم المعروف ــ والريح ريح المسك, لونه في نظر الناظر لون الدم، ولكن الريح ريح المسك، لكونه أُريق في سبيل اللَّه, واللَّه جل وعلا جعله في هذه الرائحة الطيبة لكونه دماً وقع في سبيله، وخرج في سبيله وطاعته - سبحانه وتعالى - , مثل ما في الحديث الآخر: «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» (?)، خلوفه هو ما يتصاعد من جوفه من الرائحة حال صيامه أطيب عند اللَّه من ريح المسك، وهكذا دم الشهيد لونه لون الدم والريح ريح المسك, إظهار لفضله وشرفه.

في الحديث الثاني والثالث: الدَّلالة على فضل الغدوة في سبيل اللَّه والروحة، وأنها خير من الدنيا وما عليها وخير مما طلعت عليه الشمس, هذا فيه فضل عظيم للجهاد, لكون المؤمن يغدو صباحاً لقتال العدو، أو يروح رواحاً لقتال العدو خير من الدنيا وما عليها.

تقدم حديث سهل بن سعد يقول - صلى الله عليه وسلم -: «رباط يوم في سبيل اللَّه خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل اللَّه، أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها» (?)، وما ذلك إلا لأن نعيم الجنة نعيم باقٍ، لا مثيل له في الفضل, ونعيم الدنيا مهما كان فهو زائل مؤقت، فلا يستويان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015