وجاءت أمور مشتبهة يجب على المؤمن التثبت فيها، حتى يعرف حكم اللَّه فيها، ولا يعتدي حتى يعرف الحكم، وفي هذا الباب حديث النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري - رضي الله عنهما -، قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول، وأشار إلى أذنيه، يعني: سمعت بأُذني لتأكيد السماع، يقول: «إن الحلال بينٌ، والحرام بينٌ، وبينهما مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام: كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملكٍ حمى، ألا وإن حمى اللَّه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صَلَحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب».
هذا الحديث العظيم دل على فوائد، وهو متفق على صحته عند البخاري ومسلم رحمة اللَّه عليهما، وهو من أصول الدين، قال بعض أهل العلم:
«عمدة الدين عندنا كلمات ... أربع من كلام خير البرية
اتق الشبهات, وازهد ... ودع ما ليس يعنيك واعملن بنية»
قوله: «اتق الشبهات»، يريد هذا الحديث يشير إلى هذا الحديث: «الحلال بين والحرام بين»، أي بيّن اللَّه ورسوله الحلال والحرام، فالحلال مثل ما تقدم من الإبل، والبقر، والغنم، والحبوب من الحنطة، والشعير، والأرز، والذرة، والفواكه من التمر، والعنب، وغيرهما من الفواكه حلالٌ بيّن.