الحال عنده من تشويش العقل والفكر ما يمنعه من استيفاء الحكم، والنظر في أدلته، وتمييز الحق من الباطل بسبب ما هو فيه من هذا الغضب، والمراد الغضب الشديد الذي يمنعه من التفكير والنظر، أما الغضب الخفيف العادي فلا يضر، فالمقصود الغضب الذي يُسمَّى غضباً, الشديد الغضب الذي يمنعه من استيفاء الحق، والنظر في الأدلة، وإعطاء الموضوع ما يقتضيه من عناية، ونظر، والتفكير، فذكر أهل العلم أنه يُلحق بذلك، كل ما يمنع القاضي من استيفاء الحكم من مرض يؤلمه، أو نعاس غلب عليه، أو هم، أو ملل، أو غير ذلك من الأمور، التي تزعجه، ولا تمكنه من الاستيفاء في الأدلة، والنظر في دعوى الخصمين، فإنه يؤجل ذلك إلى وقت آخر، حتى يكون قلبه حاضراً، وفكره حاضراً، وليس هناك شواغل تمنعه من استيفاء النظر في حق الجميع، وهذا من باب الحِيطة في القضاء بالحق، والبعد عن أسباب الغلط والخطأ.

والحديث الثاني: حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر» كررها ثلاثاً, قالوا: بلى يا رسول اللَّه, قال: «الإشراك باللَّه وعقوق الوالدين ــ وكان متكئاً فجلس فقال ــ ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور» الكلمة الأخيرة هي المتعلقة بباب القضاء: شهادة الزور, أما الإشراك باللَّه, وعقوق الوالدين, فهذا أمرٌ عام يجب على كل إنسان أن يحذر الشرك وأن يحذر العقوق, وليس له تعلق بالقضاء, بل هذا عام, فجميع الناس عليهم أن يحذروا ما حرم اللَّه من الشرك، وجميع أنواعه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015