إذا كذب المدعي، وأتى بشهود زور، أو حلف على باطل، فحكم القاضي لا يحل له الحرام، بل هو قطعة من النار يحملها, القاضي ليس له إلا الظاهر، يحكم بما ظهر، فإذا قال زيد: أقرضت فلاناً مائة ريال. وقال المدعى عليه: ما أقرضني، ما عندي له شيء. وحلف، وذاك ما عنده بينة، فهذه قطعة من النار، يحملها الحالف، لأنه حلف وهو كاذب: أنه ما اقترض وهو مقترض، فأخذ مال أخيه بغير حق، أو مدعٍ ادعى مائة ريال، أو ألف ريال، وأقام بينة كاذبة، شهود زور، وظنهم القاضي عدولاً زُكوا عنده، وثبت عنده عدالتهم في الظاهر، وحكم بقولهم بهذا القرض، فهذا الذي حُكم له إنما يحمل قطعة من النار، لأنه يعرف أنه كاذب، يكون القاضي حكم له بالشهود الزور، الذين لم يعرفهم القاضي، من عُدِّلوا عنده، ما يحلُّ لهذا المدَّعي يأكل حراماً؛ لأنه أخذه بغير حق بالبينة الكاذبة (?).
379 - عن عبد الرحمن بن أبي بَكَرة (?) - رضي الله عنه - قال «كَتَبَ أَبِي ــ وكَتَبْتُ لَهُ إلَى ابْنِهِ عُبيدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، وَهُوَ قَاضٍ بِسِجِسْتَانَ ــ أَنْ لا تَحْكُمْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لايَحْكُمْ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ».
وفي رواية: «لا يقضيَنَّ حَكَمٌ بين اثنين وهو غضبان» (?).