الآخر: «الْوَلاءُ لُحْمَةٌ كَالنَّسَبِ: لا يُبَاعُ، وَلا يُوهَبُ، ولا يُورَثُ» (?).
فالولاء مثل النسب لا يباع، فلو أن إنساناً باع نسبه من أخيه ما يصلح البيع، أو باع نسبه من ولده ما يصلح البيع، أو باع نسبه من ابن عمه لا يصح البيع، النسب لا يباع، وهكذا الولاء، والولاء هو ولاء العتق، فلو أنك أعتقت زيداً، فأنت الوارث له عصبته، فلو بعته هذا الولاء ولائي من زيد أبيعه، اشتره مني يا فلان بكذا، أنت تكون وليه بدلاً مني، ما يصح، أو وهبته إيَّاه، تقول: أنا وهبتك إياه، الولاء ما يصح، ما يكون صحيحاً، لا يرثه إلا أنت وعصبتك، فبيعك للولاء، أو هبتك باطلة مثل لو بعت قرابتك من أخيك، أو من أبيك، ما يصح البيع, فالقرابة لا تباع، ثابتة تبقى, ولو بعتها فالبيع باطل، فهكذا الولاء ولاء العتاق، إذا أعتقت إنساناً أعتقت رجلاً، أو أعتقت امرأةً، فأنت وليها، إذا ما صار لها ورثة إلا أنت، ما لها أقارب، أنت وليها، وعصبتك، فلا تبيع ولاءك، ولا تهبه، فلو بعت هذا الولاء، أو وهبته لأحد، فالهبة باطلة، والبيع باطل، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء وعن هبته، لأنه كالنسب.
306 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت (?): «كَانَتْ فِي بَرِيرَةَ ثَلاثُ سُنَنٍ: خُيِّرَتْ عَلَى زَوْجِهَا حِينَ عَتَقَتْ، وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَالْبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ، فَدَعَا بِطَعَامٍ، فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدْمٍ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ، فَقَالَ: «أَلَمْ أَرَ الْبُرْمَةَ عَلَى النَّارِ فِيهَا لَحْمٌ؟» فقَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُطْعِمَكَ مِنْهُ، فَقَالَ: «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا مِنْهَا (?) هَدِيَّةٌ»، وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - (?): «إنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» (?).