أعقابهم ...»
دعاءٌ لهم بأن اللَّه يعطيهم هجرتهم، ويمضيها لهم، ولا يردهم على أعقابهم، فالإنسان يسأل ربه: أن اللَّه يمضي هجرته، ويتقبلها، وأن لا يردّه عن ذلك خاسئاً خائفاً، بل يسأل ربه أن يبلغه في الهجرة، وأن يخرجه عليها، ويتقبلها منه، مع سؤال اللَّه - عز وجل - حُسن الختام، والعافية من مضلات الفتن؛ فإن الرد على العقب يوقع في الباطل، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه، ثم قال: «لكن البائس سعد بن خولة» يرثي له أن مات بمكة، يعني يتوجَّعُ له، هذا يدل على أن المهاجر إذا مات في غير البلد الذي هاجر منها يكون أولى، والموت في بلد هجرته غير مرغوب فيه، يعني: شيء تركه للَّه، فينبغي أن لا يعود إليه، ولهذا بقي الصحابة في المدينة بعد فتح مكة، وسكنوا فيها، حتى مات من مات فيها، أو انتقل إلى الجهاد من انتقل إلى الجهات الأخرى، ولم يعودوا إليها؛ لأنهم تركوها للَّه، فلا ينبغي أن يعودوا فيما تركوه للَّه؛ ولهذا توجَّع النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن خولة؛ لأنه مات في مكة، في محل الهجرة، ومعلوم أن ذلك لا يضر إذا كان بغير اختياره، لكن يُبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّ كونه يموت في محل هجرته، أولى من موته في محله الذي هاجر منه، تحريضاً للمسلم على عدم البقاء في محله، المحل الذي هاجر منه، وأنه يبقى فيه بقدر الحاجة، وأنه يرخّص له ثلاثة أيام بعد الحج، ثم ينصرف إلى المدينة، فالمهاجر ينبغي له إذا أتى القرية التي هاجر منها، أو البلد لحاجة، أن لا يطوِّل فيها، ثلاثة أيام فأقل.