والحديث الثاني حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة - رضي الله عنهم - (?).
قال (?): يا رسول اللَّه أنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة واحدة -كان في ذاك الوقت ما عنده إلا بنت، [لم يأت له ذكور بعد] (?)، ولا إناث أخريات - فأتصدق بثلثي مالي؟ قال: «لا»، قلت: فالشطر؟ قال: «لا»، قلت: الثلث؟ قال: «الثلث، والثلث كثير».
هذا يدل على أنه ينبغي للموصي أن لا يتجاوز الثلث، بل الثلث فأقل، هذا حقه، والزائد لا حق له فيه, فإذا أوصى كانت الوصية مقيدة بالثلث فأقل؛ لهذا الحديث الصحيح، وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - العلة والحكمة في ذلك، قال: «إنك إن تذر ورثتك أغنياء، خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس»: كون المؤمن يذر ورثته أغنياء، قد وسَّع اللَّه عليهم بأسبابه، أولى من أن يدعهم عالة يتكففون الناس.
ففي هذا دلالة على أنه إذا أراد الخير، واحتسب الخير في ورثته، أنه يؤجر على ذلك، وبين له النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه اللَّه: إلا أُجرت بها، حتى ما تجعل في فيِ امرأتك» ــ يعني إذا احتسب الأجر فيما [يُقَرِّبه] (?) وفيما ينفقه فله