ذلك، فإنك لا تمنعه إذا كان الجدار قوياً يستطيع أن يحمل تلك الخشبة، أما إذا كان ضعيفاً لا يستطيع فأنت معذور، وقوله: «واللَّه لأرمين بها بين أكتافكم» ــ يعني السُّنة ــ وإن لم ترضوا بها، سوف أصرِّح بها وأبينها، براءةً للذمة؛ لمَّا رآهم عنها معرضين، لأن من طبيعة البشر عدم التحمل في إلزامه بشيءٍ لغيره، ولكن أبا هريرة - رضي الله عنه - بيّن لهم أنَّ هذه سنة أمضاها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا وجه لإعراضكم، بل الواجب الالتزام بها.
وقال بعض أهل العلم في تفسيره: يعني إن لم ترضوا بها في الجدار، فضعوها على أكتافكم من باب الزجر، ومن باب الوعيد، من باب التشديد عليهم، ليقبلوا السنة، والأظهر هو المعنى الأول، يعني لأصرحن بالسنة، وأوضحها؛ لأن الخشب لا يوضع على الأكتاف، وإنما يوضع على الجدران، فأراد بهذا بيان السنة، وأنه سوف يصرح بها، ويعيدها، ويكررها حتى يعلمها المسلمون، فينقادوا لها، ويرتبط بعضهم ببعض؛ لأن الجار في حاجة إلى جاره، وفي منعه من ذلك نوع من الوحشة، وربما سبب المصارمة والمقاطعة، وفي تمكينه من الانتفاع بجاره ما يسبب الوئام، والمحبة، والتعاون على الخير، وهكذا ما يحتاجه الجيران فيما بينهم، ينبغي أن يكون بينهم المودة، والمحبة، والتعاون بالهدايا،