71 - قال الشارح - رحمه الله -:
هذه الأحاديث الثلاثة تتعلق ببعض البيوع التي نهى عنها الرسول - عليه الصلاة والسلام -؛ لما فيها من الغرر والخطر. والشريعة الكاملة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها.
فالأول عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه نهى عن بيع حبل الحبلة، وهذا البيع يبتاعه أهل الجاهلية، وهو يُفسَّر بأمرين:
أحدهما: أنه يبيع الناقة إلى أجل مجهول، فيبيع هذا البعير، أو هذه الناقة إلى أن تنتج الناقة الفلانية، ثم يُنتج الذي في بطنها، فهومعنى إلى أن تلد هذه الناقة، ثم تحمل البكرة التي ولدتها، وتُنتَج، وهذا أجلٌ لا يُدرى متى ينتهي، ولا يدرى متى يحصل، فهو جهل كبير، وهذه الصيغة صيغة المجهول تُنتَج، والمراد بها صيغة الفاعل بمعنى تنتِج، لكنها جاءت عن العرب بصيغة المجهول تُنتَج، ويبيع الناقة إلى أن تنتج الناقة المعينة ما في بطنها، ثم يُنتج الذي في بطنها بعد ذلك، وهذا أجل مجهول.
والثاني كأن يبيع الناقة الكبيرة المسنة بنتاج الجنين الذي في بطن ناقته، يصير الثمن معدوماً مجهولاً، وهذا أيضاً لا يجوز، لأنه غرَرٌ منهي عنه، وهذا غرر عظيم، كونه يبيع ناقة موجودة بنتاج الجنين، الذي في بطن أمه، حتى نفس الحمل مجهول، فكيف بنتاجه، والصور تصير أربعاً كلها منهيٌ عنها:
الصورة الأولى: أن يبيع الناقة إلى أن تُنتَج الناقة الأخرى، هذا