واللَّه جل وعلا إنما ينهى عباده عما يضرهم، ويأمرهم بما فيه مصلحتهم، وهو الحكيم العليم جل وعلا، فيما يأمر به، وفيما ينهى عنه، فأوامره على المصلحة والخير والحكمة، ونواهيه كذلك، ومن ذلك حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -، وهو سعد بن مالك بن سنان الخدري - رضي الله عنه - وعن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه نهى عن المنابذة والملامسة في البيع»، والمنابذة والملامسة فيها غرر؛ ولهذا نُهي عنها, والمنابذة: معناها: يقول: أي ثوب نبذته إليك فهو عليك بكذا، أو أي ثوب نبذه إليك فلان فهو عليك بكذا، أو أي عباءة، أو أي إناء، أو ما أشبه ذلك، فهذا لا يجوز؛ لأن فيه غرراً ما قلَّبه، وما نظر إليه؛ لأن البيع يحتاج إلى نظر وتأمل، حتى لا يُغبن، حتى لا يشتري إلا على بصيرة، فإذا قال: أي ثوب نبذته إليك، أو طرحته إليك، أو طرحه لك فلان، أو نبذه لك فلان، أو أي ثوب لمسته، أو لمسه فلان ملامسة، فهو عليك بكذا! لا يصلح، لما فيه من الغرر، وعدم التثبت في الأمر، واللَّه سبحانه أعلم بمصالح عباده، وأرحم بهم من أنفسهم، فمن رحمته لهم وإحسانه إليهم: أن نهاهم عما يضرهم, فالمشتري ينظر، ويتأمل المبيع، حتى يُقدِم على بصيرة؛ فلهذا نهى عن الملامسة، والمنابذة، لما فيها من الغرر، والجهالة، والإقدام على غير بصيرة.
وهكذا في الحديث الثاني: حديث أبي هريرة، في النهي عن خمسة أشياء: