عليهما أن يوسوس لهما الشيطان، ويقول: إن هذه المرأة غير شرعية، فبيَّن لهما - عليه الصلاة والسلام - أنها زوجته، حتى لا يظنَّا سوءاً به - عليه الصلاة والسلام - فيهلكا؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - ليس مظنة سوء، وقد عصمه اللَّه من كبائر الذنوب، وعصمه اللَّه في بلاغه للناس، بينما الخلاف في الصغائر: هل تقع من الأنبياء أم لا؟ المقصود: أنه قال لهما هذا الكلام؛ ليبتعدا عن سوء الظن، وليعلما الحقيقة.
وفي هذا من الفوائد: أن الإنسان إذا كان في موقف قد يُتَّهم فيه يبين للمارِّ، أني وقفت هنا لأجل كذا وكذا، حتى لا يُظن به سوء، إذا وقف العالِم، أو الرجل الصالح في مكان غير مناسب، ومر عليه بعض إخوانه، يُبين لهم العلة، حتى لا يتهموه بأنه انحرف عن الطريق السوي.
وفيه أن الشيطان له صلة بالإنسان شديدة، وعظيمة، وخفية، وأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، والشياطين أنواع، ولهم أجسام، ولهم أرواح، تليق بهم لا يعلم كيفيتها إلا اللَّه - سبحانه وتعالى -، وكونه يصل فيجري من ابن آدم مجرى الدم، هذا شيء عظيم يدل على لطافةٍ، وأنه عنده من اللطافة والصِّغر ما يجعله يجري من ابن آدم مجرى الدم، هذا نوع من الشياطين, ثم الشيطان له لمَّة بالإنسان، كما أن الملَكَ له لمّة بالإنسان، كل إنسان معه قرين من الشيطان يدعوه إلى الشر، ويأمر بالشر، كما أن معه ملَكاً يدعوه إلى الخير، ويأمره