بنى هذا الدين على خمسة أركان، أعظمها، وأهمها، وأساسها: شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمداً رسول اللَّه: عن علمٍ، ويقين، وصدق، وإخلاص في ذلك، ثم يلي ذلك الصلاة، ثم الزكاة، والزكاة لها شأن عظيم، وهي طُهرة للمزكي، وطُهرة ماله؛ كما قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (?)، من الزكا وهو النمو، فالزكاة تنمي المال، وتكون سبباً للبركة فيه، وسلامته من الآفات، والواجب على كل مؤمن، وعلى كل مؤمنة مَلَكَ نصاب الزكاة أن يُزكِّي إذا حال عليه الحول، وفي ذلك أيضاً مصالح أخرى من جهة إخوانه الفقراء، وغيرهم من أصناف الزكاة، يُحسن إليهم، ويجود عليهم مما أعطاه اللَّه، فيؤدي حق اللَّه، ويسعى في رضاه، وفي بركة ماله وسلامته، ومع هذا ينفع: الضعيف من فقراء ومساكين، والمؤلفة قلوبهم، وعتق الرقاب، والغارمين، وفي الجهاد في سبيل اللَّه، وفي أبناء السبيل: فيه مصالح عظيمة في هذا المال.
وفي حديث ابن عباس المذكور بيان أن الداعي إلى اللَّه جل وعلا الذي يوجه إلى الكفار، أو يتوجه إلى الكفار، يدعوهم، يبدأ بالأمر الأول؛ لأنه الأساس، فلا زكاة ولا صلاة ولا غير ذلك، إلا بعد الأساس، بعد صحة التوحيد، والدخول في الإسلام؛ ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذاً أن يبدأ أهل اليمن بالدعوة إلى توحيد اللَّه، قال: «إنك تأتي قوماً أهل كتاب» أي اليهود والنصارى، كان أهل اليمن في ذاك الوقت