وفي رواية لمسلم: (حجم النبي - صلى الله عليه وسلم - عبدٌ لبني بياضة، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - أجره، وكلم سيده فخفف عنه من ضريبته، ولو كان سُحتًا لم يعطه النبي - صلى الله عليه وسلم -).
* في هذا الحديث دليل على أن أجرة الحجام ليست بسحت.
* وقوله: (استعط) فإنه إن كان أراد بذلك يوم الحجامة فإنه بليغ في باب الطب، من حيث إن الحجامة يخرج الدم من الرأس فيتخلف فيه البلغم؛ فربما يؤذي، حتى حكى عالم من الأطباء أن رجلاً كانت به زكمة فاحتجم فلحقته السكتة على أثر ذلك. فإذا استعط أخرج من البلغم بإزاء ما أخرج من الدم فلم يكن ما أبقى في الرأس من الخلطين إلا ما يقاوم أحدهما الآخر، وإن كان استعاطه بعد ذلك، فإن الاستعاط دواء بليغ في منفعة السمع والبصر، وشفاء من أدواء كثيرة في الرأس.
* وقوله: (خففوا عنه من ضريبته)، الضريبة: ما يضرب على العبد من خراج يؤديه. ولما حجم هذا الرجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها صحة مستمرة، حكم مواليه أن يخففوا عنه من خراجه لتكون راحته مستمرة؛ ليكون متخلقًا في ذلك بخلق الله عز وجل في كونه جل جلاله يجعل الثواب على الأعمال غالبًا من جنس (3/ب) الأعمال.