قال الله سبحانه: {الله نور السموات والأرض}، وقد تقدم قولنا: إن اسم الله تعالى هو نور السماوات والأرض، ويجوز أن يكون نور السماوات والأرض على أنه منورها، ويجوز أن يكون أيضًا على أن ظهور صنعته وبدائع حكمته في كل جزء من أجزاء السماوات والأرض ومن فيهن، هو نور يهتدى به ويستدل به عليه، ولذلك ما شرعه الله تعالى في ذلك كله، وأودعه إياه من الحكمة وحسن التقدير في مطاويه هو النور الذي يهتدي به أهل السموات والأرض فيما بينهم.
* وقوله: (ولك الحمد، أنت ملك السماوات والأرض) فإنه سبحانه لما اعترف العبد له بما تقدم جملاً تشير إلى التفصيل أتيت حينئذ بهذا القول: (له الملك) في كل ما أثبت له فيه الملك.
* وقوله: (بك آمنت) بين هذا، وبين قوله: (آمنت بك) فرق؛ وذلك أن قوله: (بك آمنت) يجمع الإيمان بالله والاعتراف أنه لم يؤمن به إلا بتوفيقه، وقوله: (آمنت) إنما هو مجرد الإخبار عن إيمانه.
* وقوله: (بك خاصمت) أي أخاصم بشرعك وأجعلك الحاكم فيه، وكل من يريد الفلج على خصمه فإنه يخاصم بالحق الذي يحكم به الحاكم الذي يعون الحكومة عهد به؛ فإنه كحكم له به.
* وقوله: (فاغفر لي ما قدمت) أي من ذنوبي أو ما قدمت من شهواتي على حقوقك، (وما أخرت) من الحقوق التي تجب لك.