بهم والصبر عليهم، ولا سيما إذا كانوا لا يعلمون فيصبر انتظارًا لهم أن يؤمنوا؛ فيكون صبره ذلك نوعًا من المجاهدة في سبيل الله عز وجل.

* وقوله: (يمسح الدم عن وجهه) يعني أنه بلغ الأمر به إلى أن اجترأ عليه قومه حتى ضربوه وأدموه في وجهه وذلك من أشق ما لقي الأنبياء.

* وفيه أيضًا دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يولي المشركين ظهره بل يلقاهم بوجهه؛ ولذلك شج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجهه وكسرت رباعيته أي أنه كان مقبلًا غير مدبر - صلى الله عليه وسلم -.

- 283 -

الحديث التاسع والخمسون:

[عن عبد الله بن مسعود قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! كيف ترى في رجل أحب قومًا، ولما يلحق بهم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: المرء مع من أحب)].

* في هذا الحديث دليل على أنه سيلحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من أحبهم إلى يوم القيامة إن شاء الله؛ فإن قوله (لما يلحق بهم)؛ فإن لما أصلها (لم) زيدت عليها (ما) ليقتضي التأخير فيتصرف المعنى إلى أنه لم يلحق بهم عملًا ووقتًا.

وفيه أيضًا بشرى لمن أحبهم ثم قصر به عمله أن يبلغ أعمالهم. فإن الله عز وجل يلحقه بهم من حيث أنه بنفس حبه لهم فنيته تكون متمنية بلوغ مرامهم؛ فلمثل هذا كانت نية المؤمن بالغة ما لم يبلغه عمله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015