وهذا هو.
وإن كان في طريق السعي بالأقدام صدقة فإنه في طريق السعي إلى الحق صدقة فوق هذه الصدقة، وهكذا إذا تصدقت على رجلين متنازعين في مسألة حساب لا يعرفان كلمة للفصل بينهما؛ فأتيتهما بها، وفصلت بينهما بذكرها كنت متصدقا عليهما بقضاء يفصل بينهما، وكذلك إذا رأيت أخاك المؤمن وقد استشاط به غضبه ألهاه عن معرفة الصواب في سبيل يسلكها من القول وأشرت له إلى (121/ب) الإناة، وحررت له قولا يخلصه فيه من حوادث الغضب الشديد كنت متصدقا عليه بذلك.
وكونك إذا رأيت المسلم وقد ذهب به إسلامه ونهض في إسلامه إيمانه إلى أن حمل نفسه من أعباء العبادة ما لم يندبه المشرع إليه تصدقت عليه تبصرنه الحق، وأن من صدقتك عليه أمره بالرفق كنت في ذلك متصدقا، وكذلك إذا رأيت أخاك المسلم قد كشف بسوء تدبيره شيئا من أسرار حاله؛ الصالح له كتمها وسترها، فمددت دليل حلمك وعقلك على ما كشفه خرقه، فسترت ذلك منه كنت متصدقا عليه بصدقة، وعلى ذلك فكل معروف صدقة يقبلها من لا يقبل المال، ويتصرف في مواطن لا يغني كثير المال ما يغني القليل من هذه فيها.