الحال، فحاله أتم، فقد فضلت حاله على سليمان من هذا الوجه، ومن وجه آخر، وهو أن سليمان كان يصل إلى الأعداء الذين يقاتلهم وقلوبهم لهم، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصل إلى الأعداء وقد سبقه الرعب فصارت قلوبهم له، فهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لم يعطهن أحد قبلي) ثم عقب ذلك بقوله:

* (وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا) يعني أن الله سبحانه أباحه الأرض شرقها وغربها، وأنها جعلت له مسجدا، وهذا مما يدل على كل عاقل أن الله تعالى علم كثرة أمته، وأنه لا يسعهم مسجد ولا جامع فجعل الأرض لهم كلها مسجدا، فأباح الله سبحانه وتعالى الصلاة في كل موضع من الأرض.

ثم لما علم الله عز وجل من حرص أمته على الطهور واهتمامهم بصلواتهم، أباحهم البسيطين، الثرى والماء، لطهورهم، فأوجب عليهم الطهارة بالماء إذا وجدوه، والتراب إذا عدموه، فلما نصروا بالرعب وأقاموا الفريضة ذكر إحلال الغنائم فقال:

* (وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي) هذا يذكره - صلى الله عليه وسلم - (116/أ) مبينا به فضل أمته، فإنه يعني أن إيمان أمته زاد وصدق إلى أن لا يضره تناول الغنيمة في إخلاصهم في الجهاد، فإن من كان قبلهم إنما كانت الغنائم تأكلها النار؛ من أجل إيمان من تقدم لم يكن في قوة إيمان هذه الأمة؛ إذ الغنائم لا يؤثر تناولها في إخلاصهم في جهادهم وإرادتهم به وجه مولاهم وخالقهم.

وكان ذلك لنزول إيمان من تقدم عن درجة إيمان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت تأكلها احتياطا للغزاة، حينئذ جاهدوا من أجل الغنائم، من أجل الغنائم لأمة محمد يشير أن مقامهم أشرف من أن يكون جهادهم لأجل الغنائم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015