وهذا إنما يحمل على حال هذا من جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلتمس فك العقد، فأما من أظهر الردة لنفسه وخلق الربقة من عنقه هو وارتد؛ فإنه يقتل.

* وفيه أيضا من الفقه أنه ليس ما يعرض من الأمراض والأوصاب والفقر والشدة على من يعرض له ذلك مما يدل على باطل، فإن ذلك الأعرابي لقلة فقهه ظن أن الحمى إنما أتته من حيث إنه دخل في الإسلام ولم يكن ذلك كذلك، فأرى أن كل من دخل في طريق من طرائق الخير فعرض له عارض ابتلاء فنفر من سلوك ذلك الطريق الذي دخل فيه، فإنه على نحو قلة فقه هذا الأعرابي الذي أراد أن يرتد عن الإسلام من أجل الحمى.

فقد حكي أن أبا طالب الأنصاري قال: دخلت على الشيخ محمد بن يحيى في سنة الجهد وقد بلغ الأمر من المسلمين من ضيق العيش إلى أنه لم يكن يلحق الزاد إلا نادرا، وكان الشيخ محمد بن يحيى حينئذ ذا عيال كثير، قال: فسمعته وهو يقرأ: {نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون}.

* وفي هذا الحديث ما يدل على تحريم التشاؤم بأي شيء كان، فإن هذا الأعرابي أتى من تشاؤمه بالحمى التي تشاءم بالإسلام من أجلها، والمدينة تنفي خبيثها، وطيبها هو الناصع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015