سبيله (86/ أ) عملاً يعدله؛ لأنه لو كانت الأعمال التي تسن في مواقيت لا يقوم غيرها فيها مقامها لكان ذلك يحل بأرض كثير.
مثاله: أنه لو دعي الناس إلى النفير، وخيف على بيضة الإسلام، وتعين الجهاد في كل مطيق له، فذهب بعض المطيقين له إلى بعض المساجد، فصام تطوعًا، وصلى وسرد الصيام، وجد في التعبد، فهل يخفى على من له أدنى عقل وأبرز حس أن تلك الصلاة في ذلك الوقت ليست مع ترك الجهاد في وقت إقبال العدو وهجومه على ديار المسلمين واقعة موقعها؛ بل ربما خرجت حينئذ مخرج المعاصي.
فعلى هذا نقول: الجهاد إذا تعين لا يعدله غيره؛ كالحج إذا وجب، وصوم رمضان لمن حضر، والصلاة إذا دخل وقتها.
* فأما التفاضل بين العبادات فإنما يتوجه فيها إذا حصل المقصود من قيام فروضها، وعاد فعلها تطوعًا ونفلاً، فحينئذ يقال: إيما أفضل نفل كذا، وفعل كذا، أو نفل كذا ولم يسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نافلة الجهاد، وهل يعدلها غيرها أو لا؟ وإنما سألوه عن الجهاد بالألف واللام الذي لا ينصرف إلا إلى المأمور به.
* وأما الذي يعدله فقال: لا أجده، وكان من الحكمة في أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يبين لهم كيفية سؤالهم في ذلك الوقت؛ لأنه كان وقتًا كل الجهاد فيه فرض متعين له، لم يقم فيه للمسلمين ديوان أجناد يقومون بفرض الكفاية فيه عن جمهورهم، وإنما كان شاملا للكل، فلم يكن حينئذ يعدله شيء، فلم يزد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قوله: (لا أجد)، يعني - صلى الله عليه وسلم -: لا أجد شيئًا من الأعمال يعدله.