غبرًا من كل بلد على ضوامر كالقداح، قد أرجفوا، وتفلوا، وقملوا، وأرملوا.
وكان يقول: ورب هذه البيتة لو كان مالي يحمل ذلك ما كلفتكموه، وأنا مخرج من طيب مالي وحلاله، ما لم يقطع فيه برحم، ولم يوجد بظلم، ولم يدخل فيه حرام: فواضعه، فمن شاء منكم أن يفعل مثل ذلك فليفعل، فأسألكم أن لا يخرج منكم من ماله لكرامة زوار بيت الله ومعونتهم إلا طيبًا، لم يوجد ظلمًا، ولم يقطع فيه رحم، ولم يوجد غصبًا.
فكانت بنو كعب بن لؤي يشهدون ذلك ثم يخرجونه من أموالهم حتى يأتوا به هاشمًا، فكان ربما حمل (20/أ) الرجل منهم بمائة مثقال هرقلية، وكان يأمر بحياض من أدم فتجعل في موضع زمزم، وذلك قبل أن يحفر، ثم يستقى فيها من البئار التي بمكة، فيشرب الحاج، وكان يطعمهم أول ما يطعمهم قبل التروية بيوم بمكة ومنى وجمع وعرفة، وكان يثرد لهم الخبز واللحم والسمن والسويق والتمر، ويتفرق الناس إلى بلادهم، وإنما سمي هاشم هاشمًا لهشمه الخبز ثريدًا، وكان اسمه عمرو العُلي فقال الشاعر:
عمرو العلى هشم الثريد لقومه .... ورجال مكة مسنتون عجاف
وإنما سموا المجبرين؛ لأنهم أولمن نفع الله بهم قومهم، أعني هؤلاء